لأن الوكالة إنابة فلا تلزم للإضرار (١)، "فلكل منهما العزل (٢) إن لم يكن" عقد الوكالة "باستئجار" فإن كان باستئجار بأن عقدت بلفظ الإجارة فهو لازم لا يقبل العزل وهذا ظاهر لا يحتاج إلى التنبيه عليه نعم إن عقدت بلفظ الوكالة وشرط فيها جعل معلوم قال في الأصل: أمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أو بمعانيها (٣)، وهذان الاحتمالان نقلهما الروياني وجهين وصحح منهما الأول (٤) على القاعدة الغالبة في ذلك وهو قضية كلام المصنف فالترجيح فيه من زيادته.
"وإن قال" الوكيل "عزلت نفسي أو فسخت الوكالة أو خرجت منها أو نحوه" كأبطلتها (٥)"أو عزله الموكل أو فسخها" بقوله: فسختها أو نقضتها أو أزلتها أو صرفتها أو رفعتها أو نحوها "وعلم" الوكيل بالعزل أو الفسخ "وكذا إن لم يعلم" به "انعزل".
وإن كانت صيغة الموكل صيغة أمر ك بع وأعتق لدلالة كل من ذلك عليه ولا يشترط في انعزاله بعزله نفسه علم الموكل كما شمله كلامه وصرح به أصله وإنما لم يشترط فيما ذكر علم الآخر؛ لأنه رفع عقد لا يحتاج فيه إلى الرضا فلا يحتاج فيه إلى العلم
(١) "قوله: فلا تلزم للإضرار"؛ لأن الموكل قد يرى المصلحة في ترك ما وكل فيه أو في توكيل آخر، والوكيل قد لا يتفرغ فيكون اللزوم مضرا بهما. (٢) "قوله فلكل منهما العزل"؛ لأنها عقد إرفاق على تصرف في المستقبل ليس من شروطها تقدير عمل ولا زمن فكان لكل منهما فسخها كالجعالة، وكتب أيضا لو غاب الموكل وعلم الوكيل أنه لو عزل نفسه لاستهلك المال قاض جائر أو غيره قال الأذرعي: فيحتمل أن يلزمه البقاء على الوكالة إلى حضور موكله أو أمنه على المال كما سيأتي في الوصي ا هـ ما ذكره من اللزوم متعين. (٣) "قوله قال في الأصل أمكن بتخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أو بمعانيها" قال ابن الرفعة فيه نظر من حيث إن الوكالة إنابة عن الموكل، ووضعها الجواز، والإجارة ليس المستأجر فيها نائبا عن المؤجر فلم يتفق اللفظ ولا المعنى. (٤) "قوله: وصحح منهما الأول" وهو المذهب؛ لأن الإجارة لا تنعقد بلفظ الوكالة، وجزم به الجويني في مختصره وصححه الأذرعي وابن السراج وغيرهما. (٥) "قوله كأبطلتها"؛ لأنه بالعزل أبطل ما صدر من الموكل من الإذن في التصرف.