للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فصل وإن غاب الولي مسافة القصر لا دونها زوجها قاضي بلدها" (١) لا الأبعد (٢) ولا قاضي غير بلدها أما دون مسافة القصر فلا يزوج حتى يراجع الولي فيحضر أو يوكل كما لو كان مقيما، نعم لو تعذر الوصول إليه لفتنة أو خوف ففي الجبلي عن الحلية (٣) أن له أن يزوج بلا مراجعة وعضده في الكفاية بقول الأصحاب إن تعذر الوصول إلى مالك الوديعة بمثل ذلك عند إرادة المودع السفر بمنزلة ما إذا كان المالك مسافرا نقل ذلك الزركشي ونقل الأذرعي كلام الجبلي ثم قال: فإن صح وجب تقييد إطلاق الرافعي وغيره به قال والظاهر أنه لو كان (٤) في البلد في سجن السلطان وتعذر الوصول إليه أن القاضي يزوج "وكذا المفقود" الذي لا يعرف مكانه ولا موته ولا حياته يزوج عنه القاضي لتعذر نكاحها من جهته فأشبه ما إذا عضل "ما لم يحكم بموته" وإلا زوجها الأبعد "ولو لم تثبت" أي تقم بينة "بغيبة الولي (٥) وبالخروج عن النكاح والعدة" فإن القاضي يزوجها "لكن يستحب ذلك" أي إقامة البينة بذلك ولا يقبل فيه إلا شهادة مطلع على


(١) "قوله زوجها قاضي بلدها" أي نيابة عنه فعلم أنه لو كان له وكيل في تزويجها وهو حاضر لم يزوجها القاضي.
(٢) "قوله لا الأبعد" لبقاء الأقرب على ولايته والتزويج حق عليه فإذا تعذر منه ناب عنه القاضي.
(٣) "قوله ففي الجيلي عن الحلية" أشار إلى تصحيحه.
(٤) "قوله قال والظاهر أنه لو كان إلخ" أشار إلى تصحيحه.
(٥) "قوله ولو لم تثبت أي تقم بينة بغيبة الولي إلخ" هذا يقتضي أن التصرف الصادر من الحاكم في الأمور المختلف فيها لا يستلزم صدوره منه الحكم بصحته حتى إذا عقد نكاحا أو بيعا مختلفا فيه لا يجوز لأحد من الحكام نقضه كما لو عقده غيره ثم حكم هو به وإنما قلنا ذلك; لأنه لا يجوز الحكم بالصحة في العقود والأملاك وغيرها بمجرد قول أربابها بل لا بد من البينة أو العلم كما قدروه وهذا الذي اقتضاه كلامه أصل عظيم وقاعدة مهمة فلنذكر ما حضرنا فيها فنقول اختلفوا في تصرف الحاكم فذكر الماوردي فيما إذا قسم مال المفلس ثم ظهر غريم أنه حكم وذكر الرافعي في الكلام على المفقود أن الذي ينبغي في الجواب أن القسمة إن كانت= بالقاضي فقسمته تتضمن الحكم بالموت. وإن قسم الورثة ماله بأنفسهم فيجوز أن يقدر فيه خلاف وهو صريح في أن تصرفه حكم ويؤيده ما ذكره في الشركاء إذا حضروا عند حاكم وأرادوا منه القسمة فإنه لا يقسم بينهم إلا ببينة وعلل بأمور منها ما قلناه وذكر في الأم نحوه فقال: وإن أردتم قسمي فأتوا بالبينة على أصل حقوقكم فيها وذلك إني إن قسمت بينكم بلا بينة فجئتم بشهود يشهدون بأني قسمت بينكم هذه الدار إلى حاكم غيري كان شبيها أن يجعلها حكما مني لكم ويؤيده ما ذكره القاضي حسين والماوردي وغيرهما أن المفلس إن تولى بيع أمواله فلا كلام وإن باع الحاكم لم يجز حتى تشهد عنده بينة بملكه لها قالوا ولا تكفي فيها يده ولا اعترافه وقياس الرهن كذلك أيضا وقياسه أن يتعدى إلى اليتيم إذا احتاط الحاكم على أموال مورثه فإنه يقضي عدم جواز بيعها إلا ببينة إلا أن يفرق بأنه لا ضرورة إلى مباشرة الحاكم لبيع مال المفلس فإن المفلس قادر على بيعها بخلاف أموال اليتيم وقد ذكر جماعة من الأصحاب أن تصرفه ليس بحكم منهم ابن الصباغ في المفلس والرافعي في الكلام على عدة المفقود وتفريعا على القديم فقال وإذا ضرب القاضي المدة أربع سنين فهل ضربها حكم بوفاته أو لا بد من استئناف حكم وجهان أصحهما الثاني. وقال ابن الرفعة في حاشية كتبها في أول النكاح من الكفاية وهذا في المفقود إنما يأتي إذا تقدم القبول على الإيجاب أما إذا تقدم الإيجاب من الحاكم فلا يمكن الحكم بصحته قبل القبول والذي قاله متعين.