لا فرض عين وإلا لتعطل المعاش وقد قال تعالى ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥] الآية ذكر فضل المجاهدين على القاعدين ووعد كلا الحسنى والعاصي لا يوعد بها وفي خبر الصحيحين "من جهز غازيا فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا"(٢)"فلو عطل" الجهاد بأن امتنع كل المسلمين منه "أثم كل من لا عذر له" من الأعذار الآتي بيانها كترك سائر فروض الكفايات.
"وإن جاهد من فيه كفاية سقط" الفرض "عن الباقين (٣) وتحصل الكفاية بأن يشحن الإمام الثغور بمكافئين للكفار مع إحكام الحصون و" حفر "الخنادق" ونحوها "وتقليد الأمراء" بأن يرتب في كل ناحية أميرا كافيا يقلده أمور المسلمين من الجهاد وغيره "أو بأن يدخل الإمام (٤) أو نائبه دار الكفر بالجيوش لقتالهم".
(١) "قوله الطرف الثاني في وجوب الجهاد إلخ" فرضه العام نزل في سورة براءة سنة ثمان بعد الفتح قاله القاضي عياض. (٢) رواه البخاري كتاب الجهاد باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بخير، حديث "٢٨٤٣" ومسلم كتاب الإمارة باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله. . . . . . . . . . .، حديث "١٨٩٥". (٣) "قوله وإن جاهد من فيه كفاية سقط الفرض عن الباقين" شمل من لم يكن من أهل فرضه وهو كذلك فلو قام به مراهقون سقط الحرج عن أهل الفرض. (٤) "قوله أو بأن يدخل الإمام إلخ" عبر بأو إشارة إلى أن الواو في عبارة أصله بمعناها وكتب أيضا ما ذكره من حصول الكفاية بأحد الأمرين أصرح من عبارة أصله وعبارته في شرح إرشاده ويسقط هذا الفرض بأحد أمرين إما أن يشحن الإمام الثغور بالرجال الكامنين للعدو في القتال ويولي على كل نفر أمينا كافيا يقلده أمر الجهاد وأمور المسلمين وإما أن يدخل دار الكفر غازيا بنفسه بالجيوش أو يؤمر عليهم من يصلح لذلك وتبعه ابن أبي شريف في شرحه وعبارة المنتقى والكفاية إما بإشحان الإمام الثغور بكفاية من بإزائهم وإما بدخوله دارهم غازيا أو بعثه صالحا له ا هـ. وقال ابن زهرة في تفسيره قال علماؤنا وتحصل الكفاية بأن يشحن الإمام الثغور بجماعة يكافئون من بإزائهم أو يدخل دار الكفر غازيا إما بنفسه أو بجيش يؤمر عليهم من يصلح لذلك.