جمع باغ سموا بذلك لمجاوزتهم الحد، وقيل لطلب الاستعلاء والأصل فيه (١) قوله تعالى ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ [الحجرات: ٩] الآية وليس فيها ذكر الخروج على الإمام لكنها تشمله لعمومها أو تقتضيه; لأنه إذا طلب القتال لبغي طائفة على طائفة فللبغي على الإمام أولى.
"وفيه أطراف أربعة الأول في صفتهم، وهم الخارجون عن الطاعة" لإمام أهل العدل، ولو جائرا (٢) بامتناعهم من أداء حق توجه عليهم "بتأويل فاسد لا يقطع بفساده" بل يعتقدون به جواز الخروج كتأويل الخارجين على علي ﵁ بأنه يعرف قتلة عثمان ﵁ ويقدر عليهم، ولا يقتص منهم لمواطأته إياهم، وتأويل بعض مانعي الزكاة من أبي بكر ﵁ بأنهم لا يدفعون الزكاة إلا لمن صلاته سكن لهم، وهو النبي ﷺ"إن كان لهم شوكة (٣) بكثرة أو قوة، ولو بحصن" بحيث يمكن معها مقاومة الإمام ويحتاج إلى احتمال كلفة من بذل مال، وإعداد رجال ونصب قتال ونحوها ليردهم إلى الطاعة.
(١) "قوله: والأصل فيه إلخ" قاتل علي أهل الجمل بالبصرة مع عائشة ثم قاتل أهل الشام بصفين مع معاوية ثم قاتل أهل النهروان مع الخوارج، قال الشافعي: أخذ المسلمون السيرة في قتل المشركين من رسول الله ﷺ وفي قتال المرتدين من الصديق وفي قتال البغاة من علي فإنهم كانوا مخطئين في قتاله لقوله ﷺ لعمار "قتلتك الفئة الباغية". (٢) "قوله: ولو جائرا"، وإن صرح المتولي وغيره بأن الخروج على الجائر ليس بغيا فقد صرح القفال بأنه بغي; لأنه لا ينعزل بالجور ونقله ابن القشيري عن معظم الأصحاب، وقال النووي في شرح مسلم إن الخروج عليهم حرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين ونوزع في دعوى الإجماع بخروج الحسين بن علي على يزيد بن معاوية وابن الزبير على عبد الملك بن مروان ومع كل منهما خلق كثير من السلف وأجيب بأن محل الإجماع في الخروج عليهم بلا عذر، ولا تأويل ويعتبر في البغاة الإسلام فالمرتدون إذا نصبوا القتال لا يجري عليهم حكم البغاة على الأصح. (٣) "قوله: إن كان لهم شوكة إلخ"، قال الزركشي قضيته عدم اشتراط شيء آخر، وليس كذلك فيشترط أن ينفردوا ببلد أو قرية أو موضع من الصحراء نقله الرافعي عن جمع من الأصحاب وحكى الماوردي الاتفاق عليه.