"وهي فرض كفاية"(٢) كالقضاء إذ لا بد للأمة من إمام يقيم الدين وينصر السنة وينصف المظلومين ويستوفي الحقوق ويضعها مواضعها "فإن لم يصلح" لها "إلا واحد"، ولم يطلبوه "لزمه طلبها" لتعينها عليه "وأجبر" عليها "إن امتنع" من قبولها فإن صلح لها جماعة فحكمه حكم ما لو صلح جماعة للقضاء وسيأتي حكمه في بابه مع أنه تعرض لبعض ذلك في الفصل الآتي.
"ويشترط كونه حال العقد" لها "أو العهد" بها "أهلا للقضاء" فيشترط كونه مسلما (٣) مكلفا عدلا (٤) حرا ذكرا (٥)
(١) "باب الإمامة العظمى"، قال قوم الإمامة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص. فقيد العموم احتراز عن القاضي والرئيس وغيرهما، ونقض هذا التعريف بالنبوة، والأولى أن يقال هي خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة بحيث يجب اتباعه على كل كافة الأمة. (٢) "قوله: وهي فرض كفاية" للإجماع، وقد بادر الصحابة إليها، وتركوا التشاغل بتجهيز النبي ﷺ مخافة أن يدهمهم أمر، وأيضا لو ترك الناس فوضى لا يجمعهم على الحق جامع، ولا يردعهم عن الباطل رادع لهلكوا، ولاستحوذ أهل الفساد على العباد، قال الله تعالى ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾. (٣) "قوله: فيشترط كونه مسلما" ليراعي مصلحة الإسلام والمسلمين، مكلفا ليلي أمر غيره، عدلا ليوثق به، حرا ذكرا ليكمل ويهاب ويتفرغ ويخالط الرجال، مجتهدا ليعلم، ولا يتعطل بالاستفتاء. (٤) "قوله: عدلا" هذا عند التمكن فلو دعت ضرورة إلى ولاية فاسق جاز بناء على أن الإمام لا ينعزل بالفسق، قاله المتولي، وذكره القاضي في الوصايا، وقال الشيخ عز الدين إذا تعذرت العدالة في الأئمة والحكام قدمنا أقلهم فسقا، قال الأذرعي: وهو متعين إذ لا سبيل إلى ترك الناس فوضى، وقوله، قاله المتولي أشار إلى تصحيحه، وكذا قوله: قال الأذرعي، وهو متعين. (٥) "قوله: حرا ذكرا"; لأن المرأة لا تلي الإمامة الخاصة بالرجال فكيف تلي الإمامة العامة التي تقتضي البروز، وعدم التحرز، وقال ﷺ "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"; ولأن الرق ينافي الولايات الخاصة فالعامة أولى; ولأن العبد لا يهاب، ولا يتفرغ. "فرع" لو ولي الخنثى ثم بان ذكرا لم يصح كما ذكروه في القاضي، وأولى.