للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"كتاب الجنايات"

وهي القتل والقطع والجرح الذي لا يزهق ولا يبين "القتل ظلما" وهو مراد الأصل بقوله قتل النفس بغير حق "أكبر الكبائر بعد الكفر (١) " فقد سئل النبي أي الذنب أعظم عند الله تعالى قال: "أن تجعل لله ندا وهو خلقك قيل ثم أي قال أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك" رواه الشيخان (٢) وقال "لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا وما فيها" رواه أبو داود بإسناد صحيح (٣) "ولصاحبه" أي القتل ظلما "توبة" كالكافر بل أولى "ولا يتحتم عذابه" بل هو تحت خطر المشيئة "ولا يخلد" عذابه (٤) إن عذب، و "إن


(١) "قوله القتل ظلما أكبر الكبائر بعد الكفر" شمل قتل الذمي والمعاهد والمؤمن، وكتب أيضا إذا قتل ظلما واقتص الوارث أو عفا على مال أو مجانا فظواهر الشرع تقتضي سقوط المطالبة في الدار الآخرة كما أفتى به النووي وذكر مثله في شرح مسلم لكن ظاهر تعبير الشرح والروضة يدل على بقاء العقوبة فإنهما قالا ويتعلق بالقتل المحرم وراء العقوبة الأخروية مؤاخذات في الدنيا وجمع بين الكلامين بأن كلام الروضة، وأصلها فيمن مات مصرا على القتل، وكلام الفتاوى وشرح مسلم فيمن تاب وأقيم عليه الحد فس; لأن ظواهر الشرع لا تشهد لمن مات مصرا على ذنب القتل باستحقاق العفو، وقول الرافعي، ويتعلق به وراء العقوبة في الآخرة ينبغي أن يقول وراء استحقاق العقوبة الأخروية; لأن العقوبة غير مجزوم بها لجواز العفو. وقوله لكن ظاهر تعبير الشرح إلخ قد اعترض ابن الصلاح عليه بأنه إن قيل: إنه يجتمع على شخص واحد عقوبة الدارين فيقتص منه في الدنيا، ويعاقب أيضا في الآخرة فذلك غير صحيح; لأنه قد ثبت في الحديث أن "الحدود والعقوبات كفارة لأهلها" وإن قيل إنه يعاقب عليه في الدارين في الجملة بمعنى من العقوبة عليه توجد في الدنيا كما في حق من اقتص منه وتوجد أيضا في الآخرة كما في حق من لم يقتص منه ولم يعف الله تعالى عنه فهذا صحيح.
(٢) صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قول الله تعالى ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ حديث "٤٤٧٧" ومسلم كتاب الإيمان، حديث"٨٦".
(٣) صحيح أخرجه الترمذي في سننه "٤/ ١٦" كتاب الديات، حديث "١٣٩٥" والنسائي "٧/ ٨٢" كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم، حديث "٣٩٨٦".
(٤) "قوله: ولا يخلد عذابه" إن عذب لكن عذاب قاتل وال عادل أو ولي أو عالم عامل أشد من قاتل غيرهم.