للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة "الثالثة: لا يمين على من أقام بينة (١) " بما ادعاه لأنه تكليف حجة بعد قيام حجة ولأنه كالطعن في الشهود ولظاهر قوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] "إلا إن ادعى الخصم أداء" للحق "أو إبراء" منه "أو شراء" له "ونحوه" كاتهابه وقبضه "قبل" إقامة "البينة وكذا بعدها (٢) إن أمكن" ذلك بأن مضى زمن إمكانه "فيحلف" المدعي "على نفيه" وهو أنه ما نادى منه الحق ولا أبرأه منه ولا باعه له ولا وهبه إياه "لا" إن ادعى "بعد الحكم" حدوث ذلك قبله فلا يحلف لثبوت الحق على خصمه (٣) بالحكم وهذا ما صححه في أصل الروضة والرافعي في الشرح الصغير ونقله في الكبير عن البغوي واختار الأذرعي أنه يحلف (٤) لأنه لو أقر نفع خصمه وهو مقتضى إطلاق المنهاج


(١) "قوله المسألة الثالثة لا يمين على من أقام بينة" يستثنى منه صورتان إحداهما إذا قامت بينة بإعسار المديون فلصاحب الدين تحليفه في الأصح لجواز أن يكون له مال في الباطن الثانية إذا أقام بينة بعين وقال الشهود لا نعلمه باع ولا وهب فإن الشافعي قال أحلفه أنها ما خرجت من ملكه بوجه من الوجوه ثم أدفعها له ولو قامت بينة بإقراره ثم قال لم يكن أقر أي عن حقيقة فله تحليف المقر له ولو بعد الحكم ببينة الإقرار وذكر الجيلي في الإعجاز أنه يحلف مع البينة في عشرة مواضع إذا ادعى على ميت مالا أو قتلا وأنكر الورثة فأقام بينة لم يحكم له حتى يحلف مع البينة أنه عليه وأنه يستحقه إلى الآن وكذا إذا ادعى على غائب أو صبي أو مجنون وأن يدعي على امرأة وطئا وتقيم البينة على البكارة فتحلف معها لاحتمال عود البكارة وإذا أقام على رجل بينة بمال فقال المدعى عليه احلف أنك تستحق هذا المال ولم يكذب الشهود ولكن قال باطن الأمر بخلاف ظاهره فإنه يحلف مع البينة أنه يستحق ذلك الآن وإذا قال لامرأته أنت طالق أمس وقال أردت أنها كانت مطلقة من غيري وأقام به بينة حلف معها أنه أراد ذلك وإذا ادعى المودع هلاك الوديعة بسبب ظاهر وأقام البينة على السبب حلف على الهلاك به وفي الجراح في العضو الباطن إذا قال إنه كان صحيحا وأقام بذلك بينة حلف معها وفي الرد بالعيب إذا أقام بينة أنه كان كذلك حلف معها وفي بعض الصور نظر وفيها ما الحلف فيه مستحب لا مستحق ر
(٢) "قوله وكذا بعدها" إن أمكن فإن لم يمكن لم يلتفت إليه
(٣) "قوله لثبوت الحق على خصمه" أي المدعي
(٤) "قوله واختار الأذرعي أنه يحلف إلخ" وصححه البلقيني إلا أن يقر أنه لا مطعن له ولا دافع فيؤاخذ بإقراره ولو ذكر تأويلا من نسيان ونحوه فله التحليف وله نظائر في المرابحة وغيرها ويستثنى منه ما إذا حلف المدعي قبل ذلك إما مع شاهده أو يمين الاستظهار فلا يحلف بعد هذه الدعوى وفي أصل الروضة في القضاء على الغائب عن العدة أنه لو ادعى قضاء الدين وسأل إحلافه أنه لم يستوفه لم يحلف لأن القاضي الكاتب قد أحلفه قال وذكر البغوي في مثله في دعوى الإبراء أنه يحلفه أنه لم يبرئه فحصل وجهان قال البلقيني والأصح عندي بل الصواب ما قاله في العدة لأن البغوي يصحح في دعوى المدعى عليه الفضاء أو الإبراء بعد قضاء القاضي بالبينة للمدعي بغير حلف أنه لا يحلف المدعي فكيف يحلفه هنا