للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"كتاب الخلع"

بضم الخاء من الخلع بفتحها وهو النزع سمي به لأن كلا من الزوجين لباس الآخر قال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ [البقرة: ١٨٧] فكأنه بمفارقة الآخر نزع لباسه وسيأتي معناه في الشرع.

والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٨٧] الآية وقوله: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً﴾ [النساء: ٤] الآية، وخبر البخاري عن ابن عباس أتت امرأة ثابت بن قيس النبي فقالت يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب وفي رواية ما أنقم عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام أي كفران النعمة فقال: "أتردين عليه حديقته" قالت نعم قال: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة". وفي رواية فردتها وأمره بفراقها (١) وهو أول خلع وقع في الإسلام.

والمعنى فيه أنه لما جاز أن يملك الزوج الانتفاع بالبضع بعوض جاز أن يزيل ذلك الملك بعوض كالشراء والبيع فالنكاح كالشراء والخلع كالبيع وأيضا فيه دفع الضرر عن المرأة غالبا.

"هو" في الشرع "فرقة بعوض" مقصود "راجع إلى الزوج" أو سيده عدل عن قول أصله يأخذه الزوج إلى ما قاله ليشمل ما لو خالعها على ما ثبت لها عليه من قصاص أو غيره وزدت مقصود ليخرج الخلع بدم أو نحوه فإنه رجعي ولا مال (٢) "وهو جائز على الصداق وغيره" ولو كان أكثر منه لكن تكره الزيادة عليه قاله في الإحياء ويصح في حالتي الشقاق والوفاق وذكر الخوف في الآية جرى على الغالب (٣).


(١) رواه البخاري، كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه، حديث "٥٢٧٣"
(٢) "قوله: فإنه رجعي ولا مال" أي كما سيأتي.
(٣) "قوله وذكر الخوف في الآية جرى على الغالب" ولأنه إذا جاز في حالة الخوف وهي مضطرة إلى بذل المال ففي حالة الرضا أولى وبالقياس على الإقالة في البيع.