والصلح لغة قطع النزاع وشرعا عقد يحصل به ذلك، وهو أنواع صلح بين المسلمين والكفار، وبين الإمام والبغاة، وبين الزوجين عند الشقاق، وصلح في المعاملة، وهو مقصود الباب، والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: من الآية ١٢٨] وخبر "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما (١) أو حرم حلالا" رواه ابن حبان وصححه والكفار كالمسلمين وإنما خصهم بالذكر لانقيادهم إلى الأحكام غالبا، ولفظه يتعدى للمتروك ب من وعن وللمأخوذ ب على والباء
"وفيه ثلاثة أبواب
الأول في أحكامه فلا يصح مع الإنكار"أو السكوت من المدعى عليه "ولو في صلح الحطيطة"إذ لا يمكن تصحيح التمليك مع ذلك لاستلزامه أن يملك المدعي ما لا يملكه (٢) ويتملك المدعى عليه ما يملكه "ولا"يصح "من غير سبق خصومة"بينهما فلو قال من غير سبقها: صالحني عن دارك على كذا لم يصح; لأن لفظ الصلح يستدعي تقدم خصومة "إلا إن نويا به البيع"فيصح وإن لم تتقدم خصومة فعلم أنه كناية (٣).
(١) "قوله إلا صلحا أحل حراما إلخ"الصلح الذي يحل الحرام أن يصالح على خمر أو نحوه أو من دراهم على أكثر منها، والذي يحرم الحلال أن يصالح زوجته على أن لا يطلقها أو نحو ذلك، ومنه الصلح على الإنكار; لأنه إن كان المدعي كاذبا فقد استحل به مال المدعى عليه، وهو حرام، وإن كان صادقا فقد حرم عليه ماله الحلال; لأنه يستحق جميع ما يدعيه. (٢) قوله لاستلزامه أن يملك المدعي ما لا يملكه إلخ"; لأن المدعي إن كان كاذبا فقد استحل مال المدعى عليه، وهو حرام، أو صادقا فقد حرم عليه ماله الحلال فدخل في قوله ﷺ "إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا". (٣) "قوله فعلم أنه كناية"وما زعمه ابن الرفعة من أن اللفظ مناف للمعنى مردود لأن لفظ الصلح لا ينافي البيع، وإنما لم يصح لفقد شرطه بخلاف، وهبتكه بعشرة، فإن لفظ الهبة ينافي البيع فاستعمل اللفظ فيها في غير معناه بالكلية، وفي قوله: صالحني استعمله في معناه لكن بدون شرطه والفرق المذكور مبني على الرأي المرجوح القائل بعدم انعقاد الهبة ذات الثواب.