للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وفيه ثلاثة أبواب الأول: في اليمين

"فإن حلف كاذبا (١) عالما" بالحال "على ماض فهي" اليمين "الغموس (٢) " سميت بذلك; لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار، وهي من الكبائر كما


(١) "قوله فإن حلف كاذبا إلخ" خرج بقوله كاذبا ما إذا كان صادقا والمراد بصدقه إن توافق يمينه قصده، وإن خالفت ظاهر لفظه إذا كان ما قصده من مجاز اللفظ ولم يكن المستحلف له حاكما فلو حلف لا يشرب ماء وأراد المني أو لا جارية له وأراد السفينة أو ما أكل ولا شرب في يومه وأراد بمكة أو على ظهر الكعبة أو ما كاتبت زيدا ونوى مكاتبة العبد أو ما عرفته ونوى ما جعلته عريفا أو ما علمته ونوى ما شققت شفته أو ما سألته حاجة ونوى الشجرة الصغيرة فإنها تسمى حاجة أو ما أكلت دجاجة ونوى كبة الغزل ولا فروجة ونوى الدراعة أو ما في بيته حصير ونوى الحقير أو ما فيه فرش ونوى صغار الإبل أو بارية ونوى الدية ولو قال نسائي طوالق وقال أردت نساء قرابتي لم تطلق نساؤه ولو قيل له أطلقت امرأتك فقال نعم وأراد نعم بني فلان كان على ما نوى باطنا، وإن كان مأخوذا بإقراره ظاهرا قاله الماوردي.
(٢) "قوله فهي اليمين الغموس" ولا تنعقد كما جزم به الماوردي وابن الصلاح والإمام ابن الرفعة في المطلب; لأن الحنث اقترن بنفس اليمين في الظاهر وكذا في الباطن على الأصح ولكن كلام المصنف كأصله يقتضي انعقادها وبه صرح القاضي حسين وغيره وفائدة الخلاف في انعقادها تظهر في صور ما لو حلف على ماض بناء على أنه فعله لنسيانه وجهله ثم تبين خلافه كما إذا قال والله ما دخلت الدار، وهو يظن أنه دخلها ثم بان أنه لم يدخلها وكما لو وطئ زوجته في ظنه ثم قال والله ما وطئتها متعمدا الكذب ثم بان أن التي وطئها غير زوجته فإن قلنا أنها يمين منعقدة فينبغي أن تجب الكفارة لموافقتها الواقع، وإن قلنا أنها غير منعقدة وجبت لانتهاك الاسم المعظم وتعمد الكذب ومنها لو حلفها في الصلاة وقلنا إنها غير منعقدة بطلت قطعا، وإن قلنا بانعقادها فكما لو حلف غيرها فيها وحكمه أنه إن تضمن خطابا أبطلها وإلا فلا كما لو نذر في الصلاة الحج ونحوه ومنها لو عقبها بالمشيئة نفعته إن قلنا بانعقادها وإلا لزمته الكفارة; لأن المشيئة لا ترفع عنه الكذب وقوله ولكن كلام المصنف كأصله يقتضي انعقادها إلخ أشار إلى تصحيحه.