"فصل لو قال إن خالفت أمري" فأنت طالق "فخالفت نهيه" كأن قال لها لا تقومي فقامت "لم تطلق"
لأنها خالفت نهيه دون أمره قال في الأصل وفيه نظر بسبب العرف "بخلاف عكسه (١) " بأن قال لها إن خالفت نهيي فأنت طالق فخالفت أمره كأن قال لها قومي فقعدت فتطلق لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده قال في الأصل وهذا فاسد إذ ليس الأمر بالشيء نهيا عن ضده فيما يختاره وإن كان فاليمين لا يبنى عليه بل على اللغة أو العرف.
"وإن علقه بمضي حين أو زمان" كأن قال أنت طالق بمضي أو بعد أو إلى حين أو زمان "طلقت بمضي لحظة" لوقوعه عليها كما يقع على ما فوقها ويفارق ما ذكروه في الأيمان فيما لو قال لأقضين حقك إلى حين حيث لا يحنث بمضي لحظة للشك في المراد بأن الطلاق إنشاء ولأقضينك وعد فيرجع فيه إليه "وكذا" تطلق بمضي لحظة إن علقه بمضي "حقب أو عصر" أو دهر (٢) كذا ذكره الأصحاب "وفيه نظر (٣) " عبارة الأصل وهو بعيد لا وجه له أي لمنافاته تفاسيرها عند بعضهم ففسر الإمام العصر بأنه زمن طويل يحوي أمما وينقرض بانقراضهم وفي معناه الحقب والدهر، وفسر بعضهم الحقب الملحق به الآخران بثمانين سنة وبعضهم بثلاثين سنة والحق أنه لا نظر ولا بعد (٤) فقد فسر الجوهري وغيره الحقب والعصر بالدهر والدهر بالزمن وأما الحقب بضم القاف فهو ثمانون سنة (٥) وليس
(١) "قوله بخلاف عكسه إلخ" إنما لم يجعلوا مخالفتها نهيه مخالفة لأمره بخلاف عكسه؛ لأن المطلوب بالأمر الإيقاع وبمخالفتها نهيه حصل الإيقاع لا تركه والمطلوب بالنهي الكف أي الانتهاء وبمخالفتها أمره لم تكف ولم تنته لإتيانها بضد مطلوبه والعرف شاهد لذلك وقوله إنما لم يجعلوا مخالفتها نهيه إلخ أشار إلى تصحيحه. (٢) "قوله وكذا حقب أو عصر أو دهر" أي؛ لأن كلا منها يقع على القليل من الزمان والكثير. (٣) "قوله وفيه نظر إلخ" الاستشكال مبني على نفي إطلاق الحقب والعصر والدهر على زمن القليل ومن علل من الأصحاب بالإطلاق على القليل فتعليله متضمن لنقل ذلك عن أهل اللغة أو العرف والمثبت أولى بالاعتماد فلذا جرى عليه الإرشاد. (٤) "قوله والحق إنه لا نظر ولا بعد" أشار إلى تصحيحه. (٥) "قوله فهو ثمانون سنة" في البخاري في تفسير سورة الكهف حقبا زمانا وفي تفسير البيضاوي والحقب الدهر وقيل ثمانون سنة وقيل سبعون.