للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"القسم الثالث: المنافع" أي إزالتها

"وهي ثلاثة عشر شيئا الأول العقل (١)، وفيه إن لم يرج عوده" بقول أهل الخبرة في مدة يظن أنه يعيش إليها أخذا مما يأتي في السمع، وينبغي أن يجري مثله في البصر ونحوه (٢) "الدية" كما جاء في خبر عمرو بن حزم (٣) ; ولأنه أشرف المعاني (٤)، وبه يتميز الإنسان عن البهيمة ونقل ابن المنذر فيه الإجماع،


(١) "قوله: الأول العقل" قدمه المصنف; لأنه أشرف المنافع واختلف في تعريف العقل على أقوال أظهرها أنه ملكة أي هيئة راسخة تدرك بها العلوم. ثانيها أنه نفس العلم، وهو محكي عن الأشعري وحكاه الأستاذ أبو إسحاق عن أهل الحق قالوا واختلاف الناس في العقول لكثرة العلوم وقلتها. ثالثها أنه بعض العلوم الضرورية وبه قال القاضي أبو بكر وتبعه من أصحابنا سليم الرازي وابن الصباغ وغيرهما فخرج بالضرورية النظرية لصحة الاتصاف بالعقل مع انتفائها، ولم يجعله جميع العلوم الضرورية لئلا يلزم أن من فقد العلم بمدرك غير عاقل، وقال القاضي عبد الوهاب فقلت له أتخص هذا النوع من الضرورة فقال يمكن أن يقال ما صح معه الاستنباط، ونقل القشيري في المرشد عنه أنه قال لا أنكر ورود العقل في اللغة بمعنى، ولكن غرضي أن أبين العقل الذي ربط به التكليف.
(٢) "قوله: وينبغي أن يجري مثله في البصر ونحوه" قضيته أن الإمام ذكر ذلك في السمع خاصة، وليس كذلك بل في سائر المعاني التي تجب فيها الدية وتبعه على ذلك ابن عبد السلام. وإن كان الرافعي نقل كلام الإمام في السمع خاصة، وقال الجرجاني في التحرير: كل حاسة تختص بمنفعة كالعقل أو السمع أو البصر أو الكلام أو الشم إذا أزيلت، وجبت فيها دية النفس إلى أن قال، وإذا قال أهل الخبرة في العقل أو السمع أو البصر إنه يعود إلى مدة انتظر إليها فإن لم يعد عندها أو مات المجني عليه في المدة وجبت الدية، ولم تسقط بعود مظنون. ا هـ. بل كلام المتولي نفسه دال عليه في العقل فإنه قال فإن قالوا يعود العقل انتظر فإن لم يعد أوجبنا الدية، وإن عاد قبل استيفائها فلا مطالبة أو بعده ردت كما في ضوء البصر، وقد قال فيه فإن قالوا يعود إلى مدة قدروها انتظر فإن مضت، ولم يعد أوجبنا الدية، وإن عاد فلا.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) "قوله: ولأنه أشرف المعاني" فكان أحق بكمال الدية، ولذلك قدمه المصنف، وقوله وبه يتميز الإنسان عن البهيمة، ولا ينتفع بشيء انتفاعه به.