للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الطرف الثالث في إتلاف أموالهم"

من تخريب بناء وقطع شجر وغيرهما "للإمام" عبارة الأصل للمسلمين "إتلاف غير الحيوان منها" (١) لقوله تعالى ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحشر: ٢] ولخبر الصحيحين أنه قطع نخل بني النضير وحرق عليهم فأنزل الله عليه ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا﴾ [الحشر: ٥] الآية (٢) وروى البيهقي أنه قطع لأهل الطائف كروما (٣) سواء أتلفها لحاجة أو لا مغايظة لهم وتشديدا عليهم وقد قال تعالى ﴿وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ﴾ [التوبة: ١٢٠] الآية "فإن ظن حصولها لنا كره" (٤) إتلافها حفظا لحق الغانمين ولا يحرم; لأنه قد يظن شيئا فيظهر خلافه عبارة المنهاج كأصله تبعا للشافعي ندب تركه وعبارة الرافعي الأولى تركه (٥)، فإن أريد بذلك الكراهة فلا خلاف أما الحيوان أي المحترم فيحرم إتلافه لحرمته وللنهي عن ذبح الحيوان لغير مأكلة.

"وإن غنمناها" بأن فتحنا دارهم قهرا أو صلحا على أن تكون لنا أو غنمنا أموالهم وانصرفنا "حرم" إتلافها; لأنها صارت غنيمة لنا وكذا إن فتحناها صلحا على أن تكون لهم "فإن خفنا استردادها وكانت غير حيوان جاز إتلافه" أي غير الحيوان لئلا يأخذوها فيتقووا بها "أو" كانت "حيوانا فلا" يجوز إتلافه لما مر "لكن يذبح" المأكول منه "للأكل" خاصة لمفهوم خبر النهي السابق.

"ويعقر" الحيوان "للحاجة" في القتال إلى عقره لدفعهم أو للظفر بهم "إن ركبوه لقتالنا أو خفنا أن يركبوه" للعذر ولأنه كالآلة للقتال.


(١) "قوله: للإمام إتلاف غير الحيوان منها" أي لحاجة القتال والظفر بهم، وقال الماوردي إذا علمنا أنا لا نصل إلى الظفر بهم إلا به وجب وصوبه البلقيني.
(٢) رواه مسلم كتاب الجهاد والسير، باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها، حديث "١٧٤٦".
(٣) رواه البيهقي في الكبرى "٩/ ٨٤" حديث "١٧٨٩٦".
(٤) "قوله: فإن ظن وصولها لنا كره" جعل الماوردي الكلام أربعة أقسام: أحدها أن نعلم أنا لا نصل إليهم إلا بذلك فيجب لأن ما أدى إلى الظفر بهم وجب والثاني أن يقدر على الظفر بهم بدون ذلك فيحرم لأنها مغنم لنا والثالث أن ينفعنا ذلك ولا ينفعهم فهو مباح والرابع أن لا ينفعنا ولا ينفعهم فهو مكروه لا محظور.
(٥) "قوله: عبارة المنهاج كأصله تبعا للرافعي ندب تركه وعبارة الرافعي الأولى تركه" خلاف المندوب والأولى يصدق بالمكروه وهو المراد.