الباب الثالث: في مستند علم الشاهد وحكم تحمل الشهادة وأدائها
"وفيه ثلاثة أطراف، الأول: فيما يحتاج إلى الأبصار" ومبنى الشهادة على اليقين (١) قال تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الاسراء: ٣٦](٢) وقال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: ٨٦] وتقدم أنه ﷺ قال: "على مثل هذا فاشهد أو دع"(٣) وقد يتعذر اليقين في مواضع فيكفي الظن المؤكد كما سيأتي وقد قسموا المشهود به ثلاثة أقسام أحدها ما يكفي فيه السماع ولا يحتاج إلى الإبصار ومحل بيانه الطرف الثاني ثانيهما ما يكفي فيه الإبصار "فقط وهو الأفعال" وما في معناها "كالزنا وشرب الخمر والغصب والإتلاف والولادة والرضاع والاصطياد والإحياء و" كون "اليد على المال فيشترط فيها الرؤية" المتعلقة بها وبفاعلها "ولا يكفي" فيها "السماع" من الغير (٤) لكنه معترض في كون اليد على المال إذ يكفي فيه الاستفاضة (٥) كما سيأتي وقد نقل الأصل ثم الاكتفاء بها وأبدى ما جزم به هنا بحثا قال الزركشي والاكتفاء بها هو الصواب فقد نقله الجوري عن النص وقال إنه متفق عليه وإن اختلف في ثبوت الملك بها "ويشهد بها الأصم" لإبصاره.
"الثاني" ظاهره أنه الطرف الثاني وليس مرادا فإنه مذكور بعد وإنما هذا ثالث الأقسام التي ذكرتها وهي مذكورة في الأصل على الوجه المذكور وقد حذف هو
(١) "قوله ومبنى الشهادة على اليقين" لأنها مشتقة من المشاهدة التي هي أقوى الحواس إدراكا (٢) "قوله قال تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ قال في الحاوي في الآية دليل على أنه يشهد بما علمه بسمعه وبصره وفؤاده فالسمع للأصوات والبصر للمرئيات والفؤاد للمعلومات (٣) سبق تخريجه. (٤) "قوله ولا يكفي فيها السماع من الغير" لأنه يصل بها العلم من أقصى جهاته وما أمكن فيه ذلك لم يجز أن يعدل عنه إلى الأضعف وكتب أيضا لأن ما أمكن إدراكه بالحواس لم يجز أن يعمل فيه بالاستدلال المقتضي لغلبة الظن واقتضى كلام المصنف جواز النظر في الزنا (٥) "قوله إذ يكفي الاستفاضة" أشار إلى تصحيحه