للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فصل" لو "قتل الجماعة واحدا قتلوا به، وإن تفاضلت الجراحات في العدد والفحش والأرش"

سواء أقتلوه بمحدد أم بمثقل كأن ألقوه من شاهق، أو في بحر; لأن القصاص عقوبة تجب للواحد على الواحد فتجب له على الجماعة كحد القذف; ولأنه شرع لحقن الدماء فلو لم يجب عند الاشتراك لاتخذ ذريعة إلى سفكها وروى مالك أن عمر قتل نفرا خمسة، أو سبعة برجل (١) قتلوه غيلة (٢)، وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا (٣) "وإنما يعتد" في ذلك "بجراحة كل واحد" منهم "إذا كانت مؤثرة في الزهوق" للروح "لا خدشة خفيفة" فلا عبرة بها، وكأنه لم يوجد سوى الجنايات الباقيات "فيستحق" ولي قتيل الجماعة "دم كل منهم" فله قتل جميعهم "و" للولي "قتل بعضهم، وأخذ باقي الدية من الباقين"، وله أن يقتصر على أخذ الدية "موزعة بعددهم لا بالجراحات" أي بعددها; لأن تأثيرها لا ينضبط، وقد تزيد نكاية الجراحة الواحدة على نكاية جراحات كثيرة وخرج بالجراحات الضربات فتوزع الدية عليهما كما سيأتي "ومن اندملت جراحته قبل الموت لزمه أرشها" الأولى قول أصله لزمه مقتضاها "فقط" أي دون قصاص النفس; لأن القتل هو الجراحة السارية "وإن" جرحه اثنان متعاقبان وادعى الأول اندمال جرحه، و "أنكره الولي، ونكل فحلف مدعي الاندمال سقط عنه القصاص" في النفس "فإن عفا" الولي "عن الآخر لم يلزمه إلا نصف الدية" إذ لا يقبل قول الأول عليه "إلا أن تقوم


(١) قوله: وروى مالك أن عمر قتل نفرا خمسة أو سبعة برجل إلخ"، ولم ينكر عليه فصار إجماعا، وقتل علي ثلاثة بواحد، وقتل المغيرة سبعة بواحد، وقال ابن عباس إذا قتل جماعة واحدا قتلوا به، ولو كانوا مائة، ولم ينكر عليهم أحد فكان إجماعا.
(٢) "قوله: قتلوه غيلة" أي حيلة.
(٣) رواه مالك في الموطأ "٢/ ٨٧١" كتاب العقول، باب ما جاء في الغيلة والسحر، حديث "١٥٦١" وقال الحافظ في الفتح: وقد أخرجه ابن أبي شيبة وهو موصول إلى عمر بأصح إسناد. وقد أورده البخاري تعليقا مجزوما به في كتاب الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص.