للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد يستعملون «الوجهين» في موضع «الطريقين» وعكسه، وقد بَيَّنَ الإمام النووي علة إطلاق مصطلح «الطرق» على «الوجوه» والعكس بقوله: «وإنما استعملوا هذا، لأن الطرق والوجوه تشترك في كونها من كلام الأصحاب».

فإذا اتفق الأصحاب - أو معظمهم - على أحد هذين القولين، أو الوجهين عبروا عن هذه بقولهم: «والمذهب كذا»، أو «وهو المذهب» أو «والمذهب على هذا القول».

إذن «المذهب» هو بيان المعتمد من أحد القولين، أو الوجهين المحكيين.

وهنا مسألة هامة تجدر الإشارة إليها، وهي إذا انفرد بعض الأصحاب بنقل عن الشافعي يخالف ما نَقَلَه بقيتهم، فهل ننفي هذا القول، فلا نثبته، أو نثبته قولاً؟:

«الذي يقتضيه كلام الأصحاب وتصرفاتهم: إجراء خلاف فيه، فقد أثبتوا أقوالاً ووجهوها برفع النزاع في بعضها، فبعضهم ينفيها، وبعضهم يثبتها، وقد حكى ابن عبد الحكم عن الشافعي قولاً في مسألة، فقال فيها إمام الحرمين: كذب والله الذي لا إله إلا هو. واستدل على كذبه بأن الشافعي نص في مواضع من كتبه على خلاف ذلك. وقد كثر توقف الرافعي في انفرادات ذكرها الغزالي، وإمام الحرمين يفعل ذلك كثيرًا حتى أنكر عليه الفوراني في مسألة نقلها ونسبه إلى التساهل فيها. والشيخ أبو عمرو بن الصلاح اعترض على نقل الغزالي في موضع آخر، وقال: «لم أره لغيره، فهو شاذ».

الأصحاب: ويطلق هذا المصطلح على أتباع إمام معين - كالشافعي مثلاً - فالصحبة هنا: الاجتماع في اتباع الإمام المجتهد فيما من الأحكام، فهو مجاز سببه: الاتفاق على اتباع أقوال الإمام وشدة ارتباط بعضهم ببعض، كالصاحب حقيقة.

وعند الشافعية يُطلق هذا المصطلح ويراد به «المتقدمون» من الشافعية وهم أصحاب الأوجه غالبًا.

والمتقدمون، هم من كانوا قبل الأربعمائة. والمتأخرون هم - في كلام الرافعي والنووي ونحوهما - من كانوا بعد الأربعمائة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>