الأول أن يبدأ" الزوج "بطلاقها على عوض" فهو عقد معاوضة لأخذه مقابل ملكه وفيها شوب تعليق لترتب الطلاق على قبول المال أو بدله كما يترتب المعلق بصفة عليها ثم قد يغلب معنى أحدهما وقد يراعى كل منهما بحسب ما تقتضيه الصيغ فإن أتى بصيغة معاوضة "كطلقتك بألف فتغلب فيه المعاوضة فله الرجوع قبل القبول" منها كما هو شأن المعاوضات.
"ويشترط قبول" منها ولو بكناية "مطابق" لإيجابه "فورا" أي في مجلس التواجب كسائر العقود فلو تخلل زمن أو كلام طويل لم ينفذ وسيأتي "نعم لو قال طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بألف وقع الثلاث بالألف" كما لو سألته طلقة بألف فطلقها ثلاثا ولأن الزوج يستقل بالطلاق وعدده والزوجة إنما يعتبر قولها بسبب المال وقد وافقته في قدره بخلاف نظيره من البيع فإنه محض معاوضة.
"فإن قبلت واحدة بثلث الألف أو الثلاث بألفين" أو بخمسمائة "لم يصح" لعدم الموافقة كما في سائر العقود ويفارق ما لو قال إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأتته بألفين حيث يقع الطلاق بأن القبول جواب الإيجاب فإذا خالفه في المعنى لم يكن جوابا والإعطاء ليس جوابا وإنما هو فعل فإذا أتت بألفين فقد أتت بألف فلا اعتبار بالزيادة قاله الإمام "وإن أتى بصيغة تعليق غلب التعليق فلا رجوع له" قبل وجود الصفة ولا يحتاج إلى قبول ولا يشترط إيجاد الصفة في مجلس التواجب (١) كسائر التعاليق على تفصيل في الأخير بينه بقوله: "فإن اقتضى" أي لفظ التعليق "التراخي" بأن لم يقتض فورا "كمتى (٢) أعطيتني ألفا ومتى ما وأي حين" أعطيتني ألفا "لم يشترط القبول ولا الإعطاء فورا" (٣) ومحل اقتضاء ذلك
(١) "قوله أي في مجلس التواجب" وهو ما يحصل به الارتباط بين الإيجاب والقبول وشمل كلامه قبول الخرساء بإشارتها المفهمة بخلاف قول أصله ويشترط قبولها باللفظ. (٢) "قوله فإن اقتضى التراخي كمتى إلخ" في الكفاية إن مهما مثل متى ومقتضاه إنه إذا قال مهما أعطيتني ألفا فأنت طالق يجوز التراخي وفي النهاية ما يقتضيه قال السبكي وفيه نظر وقال الأذرعي وجزم الغزالي في الخلاصة بأنه إذا قال متى ما أو مهما أعطيتني بأنه لا يتقيد بمجلس الجواب. (٣) "قوله لم يشترط القبول ولا الإعطاء فورا" لأن متى صريحة في التراخي بدليل أنه لو قال متى أعطيتني الساعة كان محالا وما كان كذلك لم يتغير بالقرائن لأن النص لا يتبدل معناه كذا قاله في الذخائر.