بالمد أي الحكم وجمعه أقضية كقباء وأقبية، وهو في الأصل يقال لإتمام الشيء وإحكامه وإمضائه والفراغ منه سمي بذلك; لأن القاضي يستتم الأمر ويحكمه ويمضيه ويفرغ منه والأصل فيه قبل الإجماع (٢) آيات كقوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩] وقوله تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾ [المائدة: ٤٢] وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: ١٠٥] وأخبار كخبر الصحيحين: "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران (٣) " وفي رواية صحح الحاكم إسنادها "فله عشرة أجور (٤) "(٥) وروى
(١) كتاب القضاء" قال الشيخ عز الدين والحكم الذي يستفيده القاضي بالولاية إظهار حكم الشرع في الواقعة ممن يجب عليه إمضاؤه وفيه احتراز عن المفتي فإنه لا يجب عليه إمضاء الحكم وقال إمام الحرمين هو إظهار حكم الشرع في الواقعة من مطاع واحترز بالمطاع عن المفتي قال الشيخ: وهو باطل; لأن المفتي أيضا تجب طاعته فهو مطاع شرعا قلت الأولى أن يقال هو الإلزام ممن له في الوقائع الخاصة بحكم الشرع لمعين أو غيره وكتب أيضا: أطراف كل قضية حكمية ست يلوح بعدها التحقيق حكم ومحكوم به وله ومحكوم عليه وحاكم وطريق فلا يحكم إلا بحكم شرعي، وهو الإيجاب أو التحريم أو الإباحة أو الصحة أو الفساد وكذلك السببية والشرطية والمانعية ولا يحكم بكراهة ولا ندب فإنه لا إلزام فيهما مباشرة ولا استلزاما بخلاف تلك الأمور (٢) "قوله والأصل فيه قبل الإجماع إلخ"; ولأن طباع البشر مجبولة على التظالم ومنع الحقوق وقل من ينصف من نفسه ولا يقدر الإمام على فصل كل الخصومات بنفسه فدعت الحاجة إلى ولاية القضاء "تنبيه" سئل البلقيني هل التصدي للقضاء أفضل أم التصدي للفتيا فأجاب بأن التصدي للفتيا أفضل فإن متعلقها أهم (٣) رواه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، حديث "٧٣٥٢" ومسلم، كتاب الأقضية حديث "١٧١٦" كلاهما عن عمرو بن العاص ﵄ مرفوعا. (٤) "قوله وفي رواية فله عشرة أجور" هذا خاص بمن كان من أهل الاجتهاد والنظر الصحيح مطلقا أو مقيدا (٥) رواه الحاكم في المستدرك "٤/ ٩٩" حديث "٧٠٠٤" حديث "٧٠٠٤" وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذا السياق