"وهو مستحب" لقوله تعالى ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ ولما روى البيهقي وغيره عن أنس بن مالك ﵁"أن النبي ﷺ ما رفع إليه قصاص قط إلا أمر فيه بالعفو"(٢)"ويسري" العفو "إن تبعض (٣) " فلو عفا بعض المستحقين سقط القصاص، وإن كره الباقون; لأنه لا يتجزأ، أو تغليبا لجانب السقوط لحقن الدماء، ولو عفا عن عضو من الجاني سقط القصاص كله كما أن تطليق بعض المرأة تطليق لكلها "فإن وقت" العفو "تأبد (٤) " كالطلاق.
"وفيه طرفان أحدهما: في حكم العفو"، وهو مبني على أن موجب العمد ماذا، وقد بينه بقوله "وموجب العمد" بفتح الجيم "القصاص فقط ولذا يتبدل" عنه "لا أحدهما" مبهما، وذلك لقوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: من الآية ١٧٨] وقوله ﷺ في خبر الربيع "كتاب الله القصاص"(٥) وقوله "من قتل عمدا فهو قود" رواه الشافعي، وأبو داود وغيرهما بأسانيد صحيحة (٦) ; ولأنه بدل متلف فتعين جنسه كالمتلفات المثلية، وما ذكرته تبعا للأصل من أن الدية بدل عن القصاص (٧) لا ينافي قول الماوردي إنما هي بدل عن
(١) "باب العفو عن القصاص" يشترط في العفو عن القصاص معرفة العافي عين المقطوع; لأن الجناية قد تقل، وقد تكثر، وقد تكون على أطراف ومعان، وفيها مثله وغير ذلك مما يكثر فيه الغرر. (٢) صحيح رواه أبو داود "٤/ ١٦٩" كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم، حديث "٤٤٩٧" والنسائي "٨/ ٣٧" حديث "٤٧٨٤". (٣) "قوله: ويسري إن تبعض" كقوله عفوت عن بعض دمك أو رأسك أو يدك أو عفوت عن نصف الجراحة. (٤) قوله: فإن وقت العفو تأبد" كأن قال عفوت عنك إلى شهر أو شهرا. (٥) انظر التخريج قبل السابق. (٦) صحيح لغيره: رواه أبو داود "٤/ ١٨٣" كتاب الديات، باب من قتل في عمياء بين قوم، حديث "٤٥٣٩"، والنسائي "٨/ ٤٠" حديث "٤٧٩٠". (٧) "قوله: والدية بدل عنه" يستثنى منه كل موضع وجب فيه القود، ولا دية فيه كقتل المرتد مثله، وقطع يدي الجاني، والواجب الدية ابتداء في قتل الوالد ولده أو المسلم الذمي ونحو ذلك.