"الرهن"هو لغة الثبوت، ومنه الحالة الراهنة أي الثابتة، وقال الإمام الاحتباس، ومنه ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: ٣٨](١)، وشرعا جعل عين مال (٢)، وثيقة بدين يستوفي منها عند تعذر، وفائه، والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: من الآية ٢٨٣] قال القاضي معناه فارهنوا واقبضوا لأنه مصدر (٣) جعل جزاء للشرط بالفاء فجرى مجرى الأمر كقوله ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [النساء: من الآية ٩٢] ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: من الآية ٤]، وخبر الصحيحين أنه ﷺ رهن درعه عند يهودي (٤) يقال له أبو الشحم على ثلاثين صاعا من شعير لأهله (٥). ثم قيل إنه افتكه قبل موته لخبر "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي"(٦)، وهو ﷺ منزه عن ذلك، والأصح خلافه لقول ابن عباس توفي ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي (٧). والخبر الأول محمول على غير الأنبياء تنزيها لهم، وقيل على من لم يخلف وفاء الوثائق بالحقوق ثلاثة شهادة، ورهن وضمان فالشهادة لخوف الجحد، والآخران لخوف الإفلاس.
(١) "قوله رهينة"أي محبوسة في القبر غير منبسطة مع الأرواح في عالم البرزخ وفي الآخرة معوقة عن دخول الجنة. (٢) "قوله جعل عين مال"أي متمولة. (٣) "قوله لأنه مصدر"أي مفرده. (٤) "قوله "رهن درعه عند يهودي"إلخ"رهنه عند اليهودي لبيان جواز معاملة أهل الكتاب وقيل خشية من براءة ذمته الشريفة لو عامل أصحابه ومعنى معلقة محبوسة في القبر غير منبسطة مع الأرواح في عالم البرزخ وفي الآخرة معوقة عن دخول الجنة حتى يوفى عنه. (٥) رواه البخاري، كتاب الرهن، باب الرهن عند اليهود وغيرهم، حديث "٢٥١٣"، ورواه مسلم، كتاب المساقاة، حديث "١٦٠٣". (٦) صحيح: رواه الترمذي "٣/ ٣٨٩" كتاب الجنائز، باب ما جاء عن النبي ﷺ، أنه قال: "نفس المؤمن … "حديث "١٠٧٨"، ورواه ابن ماجه "٢/ ٨٠٦" حديث "٢٤١٣"، (٧) الحديث رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في درع النبي صلى الهله عليه وسلم، حديث "٢٩٦١" بإسناده عن عائشة ﵂، ورواه مسلم، حديث "١٦٠٣" ورواية ابن عباس، رواها الترمذي "٣/ ٥١٩" كتاب البيوع، باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل، حديث "١٢١٤". والنسائي، كتاب البيوع، باب مبايعة أهل الكتاب، حديث "٤٦٥١".