للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكم الثاني من أحكام الوكالة: الأمانة

"والوكيل أمين وإن كان بجعل"؛ لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف فكانت يده كيده ولأن الوكالة عقد إرفاق، والضمان مناف له ومنفر عنه "فإن تعدى في العين" بركوب (١) أو لبس أو نحوهما "ضمنها" (٢)، بخلاف ما لو تلفت بلا تعد كسائر الأمناء فيهما "ولم ينعزل" (٣)؛ بذلك؛ لأن الوكالة إذن في التصرف، والأمانة حكم يترتب عليها، ولا يلزم من ارتفاعها ارتفاع أصلها (٤) كالرهن بخلاف الوديعة فإنها ائتمان محض نعم إن كان وكيلا لولي أو وصي قال الأذرعي: وغيره فالمتجه انعزاله كالوصي (٥) يفسق؛ إذ لا يجوز إبقاء مال محجور بيد غير عدل، وما قالوه مردود (٦)؛ لأن الفسق لا يمنع الوكالة، وإن منع الولاية نعم الممنوع بقاء المال بيده "فإن عاوض بها" أي اعتاض بالعين التي تعدى فيها غيرها "فالعوض" وهو غيرها "أمانة"؛ لأنه لم يتعد فيه وزال عنه ضمان العين بتسليمها للمعتاض منه؛ لأنه أخرجها من يده بإذن مالكها بخلاف ما إذا لم يسلمها؛ لأن المبيع قبل التسليم من ضمان البائع "فإن ردت" عليه "بعيب عاد الضمان" لعود اليد، وقال الروياني: لا نص فيه، وعندي أنه لا يعود


(١) "قوله: فإن تعدى في العين بركوب إلخ" ومن التعدي أن يضيع منه المال ولا يدري كيف ضاع، وكذا لو وضعه في موضع ثم نسيه، ولو دفع إليه دينارا ليسلمه إلى غريمه فجاء به فقال: احفظه لي، وهلك عنده فهو من ضمان الدافع لا من ضمان الغريم.
(٢) "قوله ضمنها" ثم إن ادعى تلفها قال القفال قبل قوله بيمينه، وعليه ضمان قيمتها، وقال أبو عاصم: لم يقبل، وعليه البينة محمل الأول على ما إذا لم يدع تلفها بسبب ظاهر لم يعلم، والثاني على ما إذا ادعاه بظاهر لم يعلم.
(٣) "قوله: ولم ينعزل بذلك" قد يقال عليه قد قرروا أنه ينعزل بالفسق فيما تعتبر فيه العدالة ويجاب بحمل هذا على ما لا تعتبر فيه العدالة أو يقال: لا يلزم من التعدي الفسق فإن حصل به فسق انعزل ش.
(٤) "قوله: ولا يلزم من ارتفاعها ارتفاع أصلها" كالرهن فلا يرفع مقصوده، وهو التوثق ببطلان حكمه، وهو الأمانة.
(٥) "قوله فالمتجه انعزاله كالوصي" أشار إلى تصحيحه.
(٦) "قوله: وما قالوه مردود إلخ" رده مردود بأنه لا يصح توكيل الولي فاسقا في مال المحجور عليه وأن الوكيل ينعزل بالفسق فيما العدالة شرط فيه.