وإذا أُطلق «الربيع» في كتب المذهب، فالمراد به الربيع المرادي، وإذا أرادوا الجيزي، قيدوه بالجيزي.
[المعتمد من أقوال الشافعي]
قدمت فيما سبق أن هناك أقوالاً للشافعي ﵀، منها ما هو قديم، ومنها ما هو جديد، ومنها ما فيه قديم وجديد، ومنها ما فيه قولان في القديم، ومنها ما فيه قولان في الجديد أو أكثر، وهذه المسائل التي أُثِرَتْ عن الشافعي ﵀ لم تأخذ نسقًا واحدًا، فهناك كثير من المسائل التي تكلم فيها الشافعي يكون له فيها قول واحد قاله في القديم ولم يتغيَّر اجتهاده فيها فيما بعد. وهذه المسائل ليست ذات إشكال، إذ يكون العمل والفتوى على ما قاله الشافعي ﵀ في القديم.
وهناك مسائل كثيرة اختلف فيها اجتهاد الشافعي، «فقد أُثِر عنه آراء مختلفة في المسألة الواحدة، في أزمان متباعدة أو متقاربة، فكان يرى الرأي ثم يرجع عنه، إما لحديث عثر عليه، أو لقياس أقرب اهتدى إليه، أو لفتوى صحابي لم يكن على علم بها … حتى قال الشافعي نفسه: لقد ألفتُ هذه الكتب ولم آل فيها، ولا بد أن يوجد فيها الخطأ، لأن الله تعالى قال: ﴿وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فيه اختلافا كثيرًا﴾ [النساء: ٨٢] فما وَجَدْتُم في كُتبي هذه ما يخالف الكتاب والسنة، فقد رجعت عنه».
وهذه المسائل نوعان:
الأول: أن يكون له فيها قولان: قول قديم، وقول جديد.
الثاني: أن يكون له فيها قولان جديدان.
وهذان النوعان موجودان في كثير من المسائل التي تكلم فيها الشافعي ﵀، فما هي الضوابط التي يمكن بها التعرَّف على المعتمد من هذه الأقوال، وما هو القول الذي يمكن نسبته - منها - إلى الإمام الشافعي؟.
والإجابة على هذا السؤال تَتَطلَّب الكلام على كل نوع من النوعين السابقين على حدة.