للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثاني في المطعوم اضطرارا:

"ومن ظن من الجوع الهلاك" أي هلاك نفسه أو جوز تلفها وسلامتها على السواء كما حكاه الإمام عن صريح كلامهم (٢) "أو" ظن منه "ضعفا يقطعه عن الرفقة أو مرضا مخوفا، وكذا لو خاف طوله"، ولم يجد في كل منهما حلالا "لزمه أكل الميتة والخنزير" ونحوهما من المحرمات (٣) "وطعام الغير"; لأن تاركه ساع في إهلاك نفسه وقد قال تعالى ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] يخالف المستسلم للصائل بأنه يؤثر مهجة غيره على مهجته بخلاف المضطر، ودليل جواز الأكل من الميتة ونحوها قوله تعالى ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ﴾ [البقرة: ١٧٣] أي على مضطر آخر، ﴿وَلا عَادٍ﴾ أي سدا لجوعة فأكل ﴿فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٧٣] قال الزركشي وينبغي أن يكون (٤) خوف حصول الشين الفاحش في عضو ظاهر كخوف طول المرض كما في التيمم واكتفى بالظن كما في الإكراه على أكل ذلك فلا يشترط فيه التيقن، ولا الإشراف على الموت بل لو انتهى إلى هذه الحالة لم يحل له أكله فإنه غير مفيد كما صرح به الأصل. "ويحرم" ذلك "على العاصي بسفره حتى يثوب" لما مر في صلاة المسافر قال الأذرعي ويشبه أن يكون (٥)


(٢) "قوله كما نقله الإمام عن تصريح كلامهم" وأقره عليه في الكفاية وصرح به بعضهم.
(٣) "قوله من المحرمات" الظاهر أن ما يأكله حلال لكن في فتاوى القاضي لو حلف لا يأكل الحرام فأكل الميتة للضرورة قال العبادي يحنث; لأنه حرام إلا أنه رخص فيه.
(٤) "قوله قال الزركشي وينبغي أن يكون إلخ" أشار إلى تصحيحه.
(٥) "قوله قال الأذرعي ويشبه أن يكون إلخ" ويباح للمقيم العاصي بإقامته على المذهب قال القفال: والفرق أن أكلها، وإن أبيح حضرا للضرورة لكن سببه في السفر سفره، وهو معصية فحرم عليه ذلك كما لو جرح في سفر المعصية لم يجز له التيمم فإن قيل: تحريم ذلك يؤدي إلى الهلاك فجوابه أنه قادر على استباحته بالتوبة ذكر جميع ذلك في المجموع، وقضية ما فرق به القفال أن أكل الميتة إذا كان سببه الإقامة، وهي معصية كإقامة العبد المأمور بالسفر لا يباح بخلاف ما إذا كان سببه إعواز الحلال، وإن كانت الإقامة معصية وقوله ذكر جميع ذلك في المجموع أشار إلى تصحيحه، وكذا قوله كإقامة العبد المأمور بالسفر لا تباح.