الأصل فيه قوله تعالى ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المائدة: ٣٣] الآية قال أكثر العلماء: نزلت في قطاع الطريق لا في الكفار واحتجوا له بقوله ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ [المائدة: ٣٤] الآية إذ المراد التوبة عن قطع الطريق ولو كان المراد الكفار لكانت توبتهم بالإسلام وهو دافع للعقوبة قبل القدرة وبعدها وقطع الطريق هو البروز لأخذ مال أو لقتل أو إرعاب مكابرة اعتمادا على الشوكة مع البعد عن الغوث كما سيأتي.
"وفيه أطراف" ثلاثة "الأول في صفتهم وهم كل ملتزم" للأحكام ولو ذميا ومرتدا كما في السارق خلافا لما اقتضاه تقييد الأصل بالمسلم (١) من إخراجها ولما أطلقه من أن الكفار ليسوا بقطاع "مكلف أخذ المال بقوة وغلبة في" حالة "البعد عن" محل "الغوث" لبعد السلطان وأعوانه أو لضعفه وخرج بالملتزم الحربي، والمعاهد (٢) وبالمكلف غيره أي إلا السكران وبما بعده الأخذ بغير قوة أو في القرب من الغوث كما سيأتي بعض ذلك وإنما اعتبر بعده عن الغوث ليتمكن من الاستيلاء، والقهر مجاهرة.
"فإن استسلم لهم القادرون على دفعهم" حتى قتلوا أو أخذت أموالهم "فمنتهبون" لا قطاع وإن كانوا ضامنين لما أخذوه; لأن ما فعلوه لم يصدر عن شوكتهم بل عن تفريط القافلة "أو كان القاصدون" لقطع الطريق "قليلين اعتمادهم على الهرب" بركض الخيل أو نحوها أو العدو على الأقدام "يختطفون من" قافلة
(١) "قوله خلافا لما اقتضاه تقييد الأصل بالمسلم إلخ" يمكن أن يقال إنه مخصوص بغير الذمي أو أن جميع أحكام قطاع الطريق لا تأتي فيهم وقال ابن المنذر في الأشراف قال الشافعي وأبو ثور وإذا قطع أهل الذمة على المسلمين حدوا حد المسلمين قال الزركشي وهو قضية إطلاق الأصحاب، فإنهم لم يشترطوا الإسلام ولا أثر للتعليق بسبب النزول، فإنه لا يقتضي التخصيص على الأصح فالصواب أن يقال بدل هذا الشرط التزام الأحكام وكتب أيضا كلام الجرجاني في الشافي يقتضي أن الشرط كونه من أهل دار الإسلام لا كونه مسلما. (٢) "قوله والمعاهد" أي والمستأمن وكتب أيضا أما المعاهدون فينقض عهدهم به وتقام عليهم الحدود إذا ظفرنا بهم ع هذا مبني على رأي مرجوح.