وأحيانا: يستشكل بعضهم الفرق بين المسألتين، كما فعل الغزالي في مسألة المطلقة الرجعية إذا وطئها زوجها - قبل أن يَرُدَّها، وقبل انتهاء عدتها - فهل يلزمه مهر بهذا الوطء؟ نص الشافعي: أن لها المهر.
ونص في المرتدة: إذا وطئها زوجها - قبل عودتها إلى الإسلام - أن لا مهر لها، فاستشكل الغزالي ﵀ الفرق بين المسألتين - إذ إن كلا منهما اشتملت على وطء غير مباح - بقوله: والفرقُ مُشكِلٌ.
كثرة التخريجات في المذهب الشافعي: مما لا شك فيه أنه قد توفرت للمذهب الشافعي عدة أسباب جعلته غنيًّا بالأوجه، ويمكن حصر هذه الأسباب في الأمور التالية:
١ - أن الشافعي ﵀ قد توافر له أمر «لم يتوافر لغيره من الأئمة أصحاب المذاهب، لأنه دَوَّنَ أصوله، وذكر القواعد التي يُرجع إليها في استنباط مذهبه، ولم يُؤثر عن غيره من الأئمة - أصحاب المذاهب - أنْ بَيَّنَ قواعده كما بَيَّنَها الشافعي».
٢ - كثرة الأقوال المأثورة عن الشافعي ﵀ ما بين قديم وجديد، وكثرة الأقوال في الجديد نفسه، ففي بعض المسائل قولان، وثلاثة. وهذه الكثرة فتحت مجالاً رحبا للقياس عليها والتخريج على هذيها.
٣ - كثرة المجتهدين المتقيدين بأصول الشافعي وقواعد مذهبه. وهذا أمر ملحوظ في المذهب الشافعي.
٤ - اختلاف بيئات المجتهدين المتقيدين بأصول المذهب، فمما لا شك فيه «أنهم - في تخريجاتهم - متأثرون ببيئاتهم ومشاربهم، والأحداث التي تنزل بهم وطرق علاجها، وأن ذلك - بلا ريب - يدعو إلى اختلافهم في آرائهم وإن كانوا يَسْتقون من معين واحد ومتقيدين بأصل واحد، فإنّ اختلاف نزوعهم الفكري واختلاف بيئاتهم واختلاف النوازل، سيكون له الأثر في توجيه الرأي وتخريج المذهب.