للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالنقل والتخريج - وذلك لانقداح فرق بين المسألتين، ومن ثم فهو يُقَرِّرُ النصين، كلاً في موضعه.

ومن أمثلة ذلك كما في «الوسيط في المذهب للغزالي» * مسألة في «المهادنة» وهى: إذا أراد الكفار المهادنة وطلبوا ذلك - وليس للمسلمين حاجة في عقد المهادنة - فهل تجب الإجابة إلى طلبهم؟ فيها قولان بالنقل والتخريج:

الأول: أنه لا يجب، وهو الصحيح والمنصوص.

والثاني: أنه يجب، وهو وجه مُخَرَّج من الجزية إذا طلبها الكفار لكف القتال.

وفي مسألة «الجزية» إذا طلبها الكفار - من أهل الكتاب - وجبت الإجابة إلى طلبهم، وهو المنصوص. وفيها قول مخرج من المهادنة: أنه لا تجب الإجابة. وعن هذين القولين المخرجين يقول الغزالي : والوجهان ضعيفان، والصحيحُ الفَرْقُ، فإنّ عَقْدَ الذمة كف بمال، وهذه مسامحة.

ومثال آخر: وهي مسألة في «الشهادة» أنه لو شَهِدَا حسبةً على رجل أنه سرق مال فلان الغائب، فهل يُقطع هذا السارق أم يُنتظر حضور المالك ورفع الدعوى؟ نص الشافعي أنه لا يُقطع ما لم يخضر المالك.

ثم نص الشافعي أنه لو شهدوا على رجل أنه زنا بجارية فلان الغائب، نص أنه يُحدُّ في الحال ولا ينتظر مجيء سيدها.

فقيل: قولان، بالنقل والتخريج، وطردوا ذلك أيضًا في إقرار المتهم في المسألتين.

ومنهم مَنْ فَرَّقَ بين المسألتين وقَرَّرَ النصَّيْنِ - كما قال الغزالي في الوسيط في هذه المسألة بقوله: وهو الأصح، لأن المالك لو حضر وقال: كنتُ أبختُ له هذا المال، فإن حد السرقة يُدْرَأ عن السارق، وذلك بخلاف الزنا، فإن الحد لا يسقط بإباحة سيد الأَمَةِ وَطْأَها.


* وقد حققت هذا الكتاب بفضل الله تعالى - أنا وأخي الدكتور أحمد محمود، ومعه مشكل الوسيط لابن الصلاح، وطبع في سبعة أجزاء كبار.

<<  <  ج:
ص:  >  >>