أي مطلقها "وهي ثلاثة أنواع" هبة وهدية وصدقة، والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً﴾ [النساء: ٤] وقوله: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [البقرة: ١٧٧] الآية (٢)، وأخبار صحيحة (٣) كخبر الترمذي الآتي في الكلام على الرجوع فيها وخبر الصحيحين: "لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة"(٤) أي ظلفها وخبر البخاري: "لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت"(٥)، والكراع قيل كراع الغميم وهو واد بين مكة والمدينة أمام عسفان بثمانية أميال جبل أسود في طرف الحرة واستبعد ذلك الإمام والقاضي ورجحا أنه كراع الغنم أي طرف رجلها كما أن ذراعها طرف يدها وهو أكثر لحما من الكراع وأهل العرف يعبرون بالكارع ويطلقونه عليهما معا "الهبة" بلا ثواب "تمليك بلا عوض" في الحياة (٦) هذا تعريف لمطلق الهبة لا للهبة التي هي أحد الأنواع الثلاثة ولو قدمه على قوله وهي ثلاثة أنواع كان أولى، وأورد عليه
(١) "كتاب الهبة" أصلها من هبوب الريح أي مروره قاله صاحب التنويه ويحتمل أنها من هب من نومه إذا استيقظ وكأن فاعلها قد استيقظ للإحسان. (٢) "قوله: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ "وقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ وهي من البر. (٣) "قوله: وأخبار صحيحة إلخ" والأحاديث، والآثار في الهدايا كثيرة في البيهقي بإسناد ضعيف "تهادوا تحابوا" رواه البخاري في كتاب الأدب واختلف في ضبط تحابوا فقيل بالتشديد من المحبة وقيل بالتخفيف من المحاباة قال في المصابيح: صح عن عائشة رضي الله تعالى عنها "أن النبي ﷺ قال تهادوا فإن الهدية تذهب بالضغائن" وفي الترمذي عن أبي هريرة ﵁ تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدور - بالحاء المهملة والراء المفتوحتين - غشه ووسواسه وقيل الحقد والغيظ وقيل العداوة وقيل أشد البغض. (٤) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب لاتحقرن جارة لجارتها، حديث "٦٠١٧"، ورواه مسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بالقليل … ، حديث "١٠٣٠". (٥) رواه البخاري، كتاب الهبة وفضلها … ، باب القليل من الهبة، حديث "٢٥٦٨". (٦) "قوله: في الحياة" زاد البلقيني " غير واجب " ليخرج الواجب من زكاة، أو نفقة أو كفارة، أو نذر فلا تسمى هبة. ا هـ. وقد يقال لا حاجة إلى هذه الزيادة فإن الزكاة ونحوها لا تمليك فيها من جهة المزكي والمكفر والناذر بل هي كوفاء الدين ومن وفى دينه لا يقال إنه ملك ذا المال لرب الدين وقضية كلام المصنف أن الهبة بشرط الثواب لا يطلق عليها اسم الهبة لوجود العوضية وبه صرح الزبيري في المسكت.