للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"كتاب الضمان"

هو لغة الالتزام وشرعا يقال: لالتزام حق ثابت في ذمة الغير (١)، أو إحضار من هو عليه أو عين مضمونة ويقال للعقد الذي يحصل به ذلك ويسمى الملتزم لذلك ضامنا وضمينا وحميلا وزعيما وكافلا وكفيلا وصبيرا وقبيلا قال الماوردي: غير أن العرف جار بأن الضمين مستعمل في الأموال، والحميل في الديات والزعيم في الأموال العظام والكفيل في النفوس والصبير في الجميع وكالضمين فيما قاله الضامن وكالكفيل الكافل وكالصبير القبيل قال ابن حبان في صحيحه والزعيم لغة أهل المدينة والحميل لغة أهل مصر والكفيل لغة أهل العراق والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى ﴿سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ﴾ [القلم: ٤٠] وقوله ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: من الآية ٧٢] وكان حمل البعير معروفا عندهم، وشرع من قبلنا شرع لنا إذا ورد في شرعنا ما يقرره، وقد ورد فيه ذلك كخبر "الزعيم غارم" رواه الترمذي وحسنه وابن حبان وصححه (٢) وخبر الحاكم بإسناد صحيح أنه تحمل عن رجل عشرة دنانير. وخبر الصحيحين أنه أتي بجنازة فقال: "هل ترك شيئا؟ "، قالوا: لا، قال:

"هل عليه دين"؟ قالوا:


(١) "قوله: وشرعا: يقال: لالتزام حق ثابت في ذمة الغير"الضمان على ثلاثة أقسام: أحدها: يتعلق بالذمة فقط وهو واضح ثانيها: يتعلق بالذمة والعين كما إذا قال: ضمنت دينك على أن أؤديه من هذه العين كذا صرح به البندنيجي وابن الصباغ وغيرهما ثالثها: بالعين فقط كما إذا قال: ضمنت دينك في هذه العين جزم به القاضي الحسين قال الأصحاب: ذمة الميت صحيحة، وقد صح أن ذمته مرتهنة بدينه حتى يقضى عنه وأما قولهم: إن ذمة الميت قد خربت فمعناه أنها خرجت عن صلاحية المطالبة في الدنيا لا أنها ليست صالحة للشغل بالديون ألا ترى أنها يتجدد لها الشغل بنحو رد مبيع بعيب وتردي بهيمة في بئر حفرها في محل عدوان بعد موته وقوله كذا صرح البندنيجي أشار شيخنا إلى تصحيحه وكذا قوله كذا جزم به القاضي الحسين وكتب عليه هو الأصح وإن نوزع فيه ويؤيده ما صرحوا به في باب الرهن من أنه لو أعاره عينا ليرهنها على دينه صح وكان ضمانا في رقبة ذلك الشيء فدل على صحة الضمان في العين عند التصريح به بطريق الأولى كا.
(٢) رواه أبو داود "٣/ ٢٩٦" كتاب البيوع، باب في تضمين العور، حديث "٣٥٦٥"، والترمذي "٣/ ٥٦٥" حديث "١٢٦٥".