للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الطرف الثاني: في الأحكام المعنوية: وحكم الوقف اللزوم" في الحال فلا يصح الرجوع عنه سواء أحكم به حاكم أم لا وسواء أسلمه للموقوف عليه أم لا كالعتق "وإن أضافه إلى ما بعد الموت" بأن قال داري وقف على الفقراء بعد موتي فأنه لازم حال كونه وقفا وذلك بعد الموت (١)، وصور الإسنوي ذلك أيضا (٢) بأن ينجز الوقف ويعلق الإعطاء على الموت قال فإن صاحب البيان ذكر ما حاصله جوازه كما في الوكالة انتهى، وعليه فريعه قبل الموت ينبغي صرفه لصالح الوقف خاصة "وينتقل ملكه" أي الوقف "إلى الله تعالى" (٣)، ولو كان على معين أي ينفك عن اختصاص الآدمي كالعتق فلا يملكه الواقف ولا الموقوف عليه بدليل امتناع تصرفهما فيه. "وجعل البقعة مسجدا، أو مقبرة (٤) تحرير لها" كتحرير الرقبة في أن كلا منهما انتقل إلى الله تعالى كما شمله كلامه السابق، وفي أنهما يملكان كالحر، وفي أنه لو منع أحد المسلمين منهما بغلق أو غيره ولم ينتفع بهما لا أجرة عليه، والأمر أن الأخيران ذكروهما في المسجد، ومثله فيما يقتضيه كلامهم: المقبرة (٥) والرباط، والمدرسة، ونحوها، ولعله أشار بالتحرير إلى ما ذكرناه من الأمور، وإلا فالأمر الأول قد علم مما قبله كما أشرت إليه، وإنما ذكره الأصل ليبين أنه لا خلاف فيه.

"فصل الفوائد" ملك "للموقوف عليه" فيتصرف فيها تصرف الملاك؛ لأن ذلك هو المقصود من الوقف وهي "كالدر والصوف والثمرة لا الأغصان" فليست


(١) قوله: وذلك بعد الموت" قال الشيخان وكأنه وصية؛ لأن في فتاوى القفال أنه لو عرض الدار للبيع صار راجعا.
(٢) "قوله: وصور الإسنوي ذلك أيضا إلخ" قال الزركشي هذا من صور منقطع الأول كما لو قال وقفته على الفقراء على أن لا يصرف إليهم من ريع السنة الأولى وما نقل عن البيان غلط ليس فيه كذلك.
(٣) "قوله: وينتقل ملكه إلى الله تعالى" قد يخالفه قولهم في الشهادات إن الوقف يثبت بشاهد ويمين فإن حقوق الله تعالى لا تثبت إلا برجلين وأجيب عن ذلك بأن المقصود بالثبوت هو الريع وهو حق آدمي.
(٤) "قوله: أو مقبرة" أو خانقاه.
(٥) "قوله: ومثله فيما يقتضيه كلامهم المقبرة" أشار إلى تصحيحه وكتب لو وقف ذمي مقبرة فهل يختص بها أهل ملته؛ لأن الظاهر أنه قصدهم أم لا؟ فيه نظر والظاهر هو المنع.