للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"كتاب التفليس"

هو لغة النداء على المفلس وشهره بصفة الإفلاس المأخوذ من الفلوس التي هي أخس الأموال

وشرعا جعل الحاكم المديون مفلسا، يمنعه من التصرف (١) في ماله والأصل فيه ما رواه الدارقطني وصحح الحاكم إسناده أن النبي حجر على معاذ وباع ماله في دين كان عليه وقسمه بين غرمائه فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم فقال لهم النبي : "ليس لكم إلا ذلك"ثم بعثه إلى اليمن وقال: "لعل الله يجبرك ويؤدي عنك دينك" (٢) فلم يزل باليمن حتى توفي النبي

"المفلس"لغة المعسر، ويقال من صار ماله فلوسا، و "شرعا من حجر عليه لنقص ماله عن دين عليه لآدمي"بخلاف دين الله تعالى، وتقييده بالحجر وبدين الآدمي من زيادته تبع فيه الإسنوي ورد بأن الحجر حكم على المفلس فلا يؤخذ قيدا فيه (٣) ودين الله إنما لم يحجز به إذا لم يك فوريا (٤) كنذر مطلق وكفارة لم يعص بسببها "ومن مات هكذا"أي ناقصا ماله عن الدين "فله حكم المحجور عليه"بالفلس "في الرجوع إلى الأعيان"كما يأتي بيانه لخبر "أيما رجل مات أو أفلس (٥) فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه ما لم يخلف وفاء"رواه الدارقطني والبيهقي بإسناد صحيح "بخلاف غيره"ممن مات ولم ينقص ماله عن ذلك


(١) "قوله يمنعه من التصرف في ماله"فإنه يمتنع من التصرف إلا في شيء تافه.
(٢) رواه الدار قطني في سننه "٢/ ٨١٦" والحاكم في المستدرك "٣/ ٣٠٧" حديث "٥١٩٥" والبيهقي في الكبرى "٦/ ٥٠" حديث "١١٠٥٢".
(٣) "قوله ورد بأن الحجر حكم على المفلس فلا يؤخذ قيدا فيه"يرد بأن المفلس شرعا: هو المحجور عليه بسبب الفلس فمدلوله ذات وقع عليها الحجر فلا بد في تحقيق ماهيته من ذكره وقد فسره به الماوردي والبندنيجي والمحاملي وغيرهم فإنه متى لم يحجر عليه فتصرفاته صحيحة قطعا.
(٤) "قوله: ودين الله إنما لم يحجز به إذا لم يكن فوريا إلخ"بناء على أن له المطالبة به قال شيخنا أي والأصح خلافه.
(٥) "قوله: أو أفلس"أي حجر عليه بالفلس تعبيرا بالسبب عن المسبب.