"وهي ستة: الأول الإحصار" العام أي منع المحرمين عن المضي فيه من جميع الطرق يقال: أحصره وحصره وقد استعملهما المصنف لكن الأول أشهر (١) في حصر المرض والثاني أشهر في حصر العدو "فإن منعوا من الوقوف" بعرفة "أو البيت" أي الطواف به "كالمعتمر" الممنوع منه فلم يتمكنوا من ذلك "إلا بقتال أو" بذل "مال فلهم" بعد إتيانهم بما يقدرون عليه "التحلل"(٢)، وإن اتسع الوقت "ولو منعوا الرجوع أيضا"(٣) سواء أكان المانع مسلما أم كافرا لقوله تعالى ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] أي وأردتم التحلل ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦] أي فعليكم ذلك; ولأنه ﷺ تحلل هو وأصحابه بالحديبية لما صده المشركون وكان محرما بالعمرة فنحر، ثم حلق وقال لأصحابه:"قوموا فانحروا، ثم احلقوا"(٤) رواه الشيخان وأجمع المسلمون
(١) "قوله لكن الأول أشهر إلخ" كذا نقله النووي ورده السبكي وقال إن المشهور عن كلام أهل اللغة أن الإحصار المنع من المقصود سواء أمنعه مرض أم عدو أم حبس والحصر التضييق ويؤيده أن الآية نزلت في منع العدو من الحديبية وقد عبر فيها بالإحصار. (٢) "قوله إلا بقتال أو بذل مال فلهم التحلل" استثنى السبكي الإحرام الذي يحصل به إحياء الكعبة إذا لم تقم به طائفة قبلهم في تلك السنة قال فينبغي أن يجب قتالهم كسائر فروض الكفايات قال ابن العراقي قد يتوقف فيه; لأن الذي يجب قتاله هو تارك فرض الكفاية أما المانع من إقامته فلا يبعد أن يكون منعه عذرا في الوجوب إذا احتاج لقتال فإن بعض فروض الأعيان تسقط بالأعذار فكيف بفروض الكفايات. ا هـ. وهو ظاهر وكلامهم شامل له وقوله قال ابن العراقي إلخ أشار إلى تصحيحه. (٣) "قوله، ولو منعوا الرجوع أيضا"; لأنهم يستفيدون به الأمن من العدو والذي بين أيديهم قاله الرافعي قال في المهمات وما ذكره في التعليل يقتضي تقييد المسألة بما إذا كان المانعون فرقا متميزة لا تعضد كل واحدة الأخرى فإن كان المانعون لجميع الجوانب فرقة واحدة لم يجز لهم التحلل. ا هـ. وما ذكره من أنه مقتضى تعليل الرافعي ممنوع. (٤) رواه البخاري في حديث طويل كتاب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب حديث "٢٧٣٤" وسلم لم يخرج هذا الشاهد من الحديث ولكنه اخرج جزءا منه آخر في كتاب الحهاد والسير باب صلح الحديبية في الحد يبية حديث "١٧٨٤".