على ذلك (١) أما إذا تمكنوا بغير قتال (٢) أو بذل مال فلا يتحللون وعلم من كلامه أنه لو طلب منهم لم يلزمهم بذله، وهو كذلك، وإن قل إذ لا يجب احتمال الظلم في أداء النسك "ويكره بذل مال للكفار" لما فيه من الصغار (٣) بلا ضرورة، ولا يحرم كما لا تحرم الهبة لهم أما المسلمون فلا يكره بذله لهم.
"والأولى قتالهم" أي الكفار "عند القدرة" عليه ليجمعوا بين الجهاد، ونصرة الإسلام، وإتمام النسك فإن عجزوا عن قتالهم أو كان المانعون مسلمين فالأولى لهم أن يتحللوا ويتحرزوا عن القتال تحرزا عن سفك دماء المسلمين "ويلبس" المحصر جوازا إن أراد القتال "الدرع ونحوه" من آلات الحرب كالمغفر "ويفدي" وجوبا كما لو لبس المحرم مخيطا لدفع حر أو برد "والتحلل" أي تعجيله "إن خشي" من تركه "الفوات" للنسك "أولى إلا إن اتسع الوقت"(٤) فالأولى لهم الصبر لاحتمال زوال المنع وإتمام النسك، والاستثناء مع أنه منقطع لا حاجة إليه قال الماوردي، ولو كان في الحج وتيقن زوال الحصر (٥) في مدة يمكن إدراك الحج بعدها أو في العمرة وتيقن قرب زواله، وهو ثلاثة أيام امتنع تحلله وخرج بالوقوف والطواف المتبوع بالسعي ما لو منع من الرمي والمبيت فلا يجوز له التحلل لتمكنه من التحلل بالطواف والسعي والحلق ويجزئه عن نسكه، والرمي والمبيت يجبران بالدم (٦).
"فصل، ولا يتحلل" المحرم "لمرض وفقد نفقة وضلال" لطريق "ونحوه" من الأعذار كالخطأ في العدد; لأن التحلل لا يفيد زوال المرض ونحوه، بخلاف
(١) "قوله وأجمع المسلمون على ذلك"; ولأن في مصابرة الإحرام إلى أن يأتي بالأعمال مشاق وحرجا وقد رفعه الله تعالى عنا. (٢) "قوله أما إذا تمكنوا بغير قتال إلخ" كأن كان لهم طريق آخر يمكن سلوكه ووجدوا شروط الاستطاعة فيه. "فرع" لو تحلل فزال الحصر فأحرم ثانيا ففاته فهل يقضي قولان. (٣) "قوله لما فيه من الصغار" قال شيخنا الصغار إنما يحرم عند عدم الحاجة. (٤) "قوله إلا إن اتسع الوقت" في بعض النسخ المعتمدة بدل إلا لا. (٥) "قوله وتيقن زوال الحصر" المراد باليقين الظن الغالب، ولو أمنهم الصادرون ووثقوا بقولهم فلا تحلل. (٦) "قوله والرمي والمبيت يجبران بالدم" قال شيخنا علي: إن المبيت يسقط مع العذر.