"الحكم الثالث: أن لا يسافر به" العامل، وإن أمن الطريق وظهرت مصلحة؛ لأن فيه خطرا وتعريضا للتلف "ولا يركب البحر" من زيادته ولا حاجة إليه، فسيأتي قريبا "فإن فعل بلا إذن ضمن" المال "وإن عاد من السفر" لتعديه قال الأذرعي والظاهر أنه لو قارضه (١) بمحل لا يصلح للإقامة كالمفازة واللجة جاز له السفر به إلى مقصده المعلوم لهما ثم ليس له بعد ذلك أن يحدث سفرا أي إلى غير محل إقامته إلا بإذن جديد "وإن تصرف" فيه في المحل الذي سافر إليه "صح تصرفه" بقيمة بلد القراض وبأكثر منها "لا بدون ثمن" أي قيمة "بلد القراض بقدر لا يتغابن بمثله" فلا يصح كما لو باع به في بلد القراض ولا ينفسخ القراض بالبيع مطلقا كما صرح به الإمام والغزالي أما إذا تصرف بدون ما ذكر بقدر يتغابن بمثله فيصح "ويستحق" العامل "الربح" أي نصيبه منه، وإن تعدى بالسفر للإذن له في التصرف "ويضمن الثمن" الذي باع به مال القراض في سفره فإن سبب التعدي السفر ومزايلة مكان المال وذلك شامل للثمن بخلاف ما إذا باع ما تعدى فيه بغير السفر لا يضمن ثمنه كما في الوكيل.
"وإن عاد" الثمن "من السفر" فإنه يضمنه لأن سبب الضمان، وهو السفر لا يزول بالعود "وإن سافر" بالمال "بالإذن فوجده" يباع "رخيصا" أي بأنقص مما يباع به في بلد القراض "لم يبع إلا إن توقع ربحا فيما يعتاض، أو كانت مؤنة الرد أكثر" من قدر النقص فله البيع لما فيه من الحظ بخلاف ما خلا عن ذلك؛ لأنه محض تخسير "ولا يسافر في البحر (٢) إلا إن نص له عليه" فلا يكفي فيه الإذن في السفر لخطره نعم إن عين له بلدا (٣)، ولا طريق له إلا البحر كساكن الجزائر التي يحيط بها البحر كان له أن يسافر فيه، وإن لم ينص له عليه والإذن محمول عليه قاله الأذرعي وغيره.
(١) "قوله: قال الأذرعي والظاهر أنه لو قارضه إلخ" وهو ظاهر وجزم به غيره. (٢) "قوله: ولا يسافر في البحر إلخ" قال الإسنوي وابن النقيب المراد بالبحر البحر الملح. ا هـ. قال ابن العراقي وفيه نظر وقد يقال بطرد المنع في النيل ونحوه من الأنهار العظيمة ع وما بحثه ظاهر قال الغزي والأنهار العظيمة كالنيل يظهر أن يقال إن زاد خطر ركوبها على خطر البحر لم يجز ركوبها إلا بنص، وإلا جاز عند الإذن في السفر وسبقه إليه الأذرعي. (٣) "قوله: نعم إن عين له بلدا إلخ" أشار إلى تصحيحه.