فيكون اختيار أحدهم للقديم فيها من قبيل اختياره مذهب غير الشافعي إذا أداه اجتهاده إليه، فإنه إذا كان ذا اجتهاد اتبع اجتهاده، وإن كان اجتهاده مقيدًا مَشُوبًا بتقليد نقل ذلك الشوب من التقليد عن ذلك الإمام. وإذا أفتى بَيَّنَ ذلك في فتواه، فيقول: مذهب الشافعي كذا، ولكني أقول بمذهب أبي حنيفة وهو كذا.
قال النووي:«إن من ليس أهلاً للتخريج يتعين عليه العمل والإفتاء بالجديد من غير استثناء. ومن هو أهل للتخريج والاجتهاد في المذهب يلزم اتباع ما اقتضاه الدليل في العمل والفتيا مُبَيِّنًا في فتواه أن هذا رأيه، وأن مذهب الشافعي كذا، وهو نَصَّ عليه في الجديد»
وهنا مسألة تتعلق بقديم الشافعي ﵀ وهي: هل الإمام الشافعي - في قديمه - مُتَّبع فيه لمذهب مالك ﵀؟ يقول النووي ردًا على هذه المسألة:«اعلم أن القول القديم ليس بلازم أن يكون كمذهب مالك، بل هو قول مجتهد، قد يوافق مالكًا وقد يخالفه. قال القفال في شرح التلخيص: أكثر القديم قد يوافق مالكًا»
الجديد: وهو مصطلح أطلقه علماء الشافعية على أقوال الشافعي ﵀ بعد دخوله مصر، إفتاء أو تصنيفا أو إملاء
ورواته: البويطي، والمزني، والربيع المرادي، وحرملة، ويونس بن عبد الأعلى، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم.
والثلاثة الأول - البويطي والمزني والربيع المرادي - هم الذين تصدوا لرواية الجديد من قولي الشافعي، وقاموا بذلك. والباقون نقلت عنهم أشياء محصورة على تفاوت بينهم.
وهم أيضًا ليسوا على مرتبة واحدة في نقلهم أقوال الشافعي ﵀، «فما رواه البويطي والربيع المرادي والمزني عن الشافعي مقدم أصحابنا على ما رواه الربيع الجيزي وحرملة».
والربيع المرادى هو أكثرهم رواية عن الشافعي، حتى قال فيه الشافعي: إنه أحفظ أصحابي. وقال له أيضًا:«أنت راوية كتبي».