"لا يموتن أحدكم إلا، وهو يحسن الظن بالله تعالى"(١) أي يظن أنه يرحمه ويعفو عنه وخبر الصحيحين "قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي""ويحسنه له الحاضرون ويطمعوه في رحمته" تعالى ليحسن ظنه بربه. أما الصحيح فقيل الأولى له تغليب خوفه على رجائه والأظهر في المجموع استواؤهما (٢) إذ الغالب في القرآن ذكر الترغيب والترهيب معا كقوله ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ*وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾ وفي الإحياء إن غلب عليه داء القنوط فالرجاء أولى أو داء أمن المكر فالخوف أولى "فإن مات فليغمض أرفق محارمه عينيه" لئلا يقبح منظره وروى مسلم "أنه ﷺ دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال "إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وأفسح له في قبره ونور له فيه" (٣) وقوله "تبعه البصر" أي ذهب أو شخص ناظرا إلى الروح أين تذهب وعلى الثاني اقتصر النووي وقبض أخرج من الجسد وشق بصره بفتح الشين وضم الراء شخص.
والروح جسم لطيف، وهو باق لا يفنى عند أهل السنة وقوله تعالى ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ تقديره عند موت أجسادها قال في المجموع ولم أر لأصحابنا كلاما فيما يقال حال إغماضه ويستحسن ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن بكر بن عبد الله المزني التابعي الجليل قال إذا أغمضت الميت فقل بسم
(١) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ حديث "٧٤٠٥"، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، حديث "٢٦٧٥". (٢) "قوله والأظهر في المجموع إلخ" أشار إلى تصحيحه. (٣) رواه مسلم، كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر حديث رقم "٩٢٠".