قاله ابن مالك وكلاهما صحيح إذ معناهما في الحقيقة واحد واتحادها "باتحاد النادي" الذي يجتمعون فيه للسمر "واستعارة بعضهم من بعض"، والحلتان كالقريتين ويعتبر في سفر البحر المتصل ساحله بالبلد جري السفينة، أو الزورق إليها (١) قاله البغوي وأقره عليه ابن الرفعة وغيره، لكن في المجموع إذا صار خارج البلد ترخص، وإن كان ظهره ملصقا بالسور، وظاهر أن آخر عمران ما لا سور له كالسور، فيحتمل أن يقال سير البحر يخالف سير البر (٢) أو يمنع أن آخر العمران كالسور (٣) ويحمل كلام البغوي على ما لا سور له ويؤيد هذا أنه لو اتصلت قرية لا سور لها بأخرى كذلك كانتا كقرية بخلاف اتصال قرية لها سور بأخرى وبما تقرر علم أنه لا أثر لمجرد نية السفر لتعليق القصر في الآية بالضرب ويخالف نية الإقامة كما سيأتي; لأن الإقامة كالقنية في مال التجارة كذا فرق الرافعي تبعا لبعض المراوزة وقضيته كما قال الزركشي وغيره أنه لا يعتبر في نية الإقامة المكث، وليس كذلك كما سيأتي، فالمسألتان كما قال الجمهور مستويتان في أن مجرد النية لا يكفي فلا حاجة لفارق "فرع" لو "فارق البنيان"، أو غيره من الأمكنة التي شرط مفارقته لها "ثم رجع" إليها "من قريب" أي من دون مسافة القصر "لحاجة" كتطهر "أو نواه" أي الرجوع لها، وهو مستقل ماكث ولو بمكان لا يصلح للإقامة "فإن كانت وطنه صار مقيما" بابتداء رجوعه، أو بنيته فلا يترخص في إقامته ولا رجوعه (٤) إلى أن يفارق وطنه تغليبا للوطن وحكى
(١) "قوله: جري السفينة أو الزورق إليها" حتى لو كانت السفينة كبيرة لا تتصل بالساحل وينقل المتاع إليها بالزورق قصر في الزورق (٢) "قوله: فيحتمل أن يقال سير البحر يخالف سير البر" أشار إلى تصحيحه وكتب عليه شيخنا فعلى هذا لو سافر من بلدة لها سور وأراد السفر في البحر لم يترخص بمفارقة السور بل حتى تسير السفينة ومثل السور فيما لا سور لها ما قام مقامه فلا بد من مجاوزة ذلك وجري السفينة، أو الزورق ولا يكتفى بأحدهما وهذا معنى أن سير البحر يخالف البر (٣) "قوله أو يمنع أن آخر العمران كالسور" قال الناشري ويؤخذ من قوله السور أن البلد لو كان لها سور وراءه بحر يسافر فيه أنه يترخص قبل النزول في البحر أما إذا لم يكن لها سور فلا يترخص إلا إذا نزل في البحر وصار في المركب مثلا (٤) "قوله فلا يترخص في إقامته ولا رجوعه إلخ" أما إذا نوى الرجوع لحاجة وهو سائر لجهة مقصده فلا أثر لهذه النية.