أطلقت إحداهما وأرخت الأخرى قدمت بينة الإبراء (١) لأنها إنما تكون بعد الوجوب نقله الزركشي عن شريح الروياني وأقره
"فصل لو شهدت" بينة لأحد "بملكه أو يده أمس لم تسمع" كما لا تسمع دعواه ولأنها شهدت له بما لم يدعه وبمعارضة السبق اليد الدالة على الانتقال فلا يحصل به ظن الملك في الحال (٢) فلا تسمع شهادة الشاهد له بملكه أمس "حتى تشهد" له "بالملك في الحال أو تقول لا أعلم له مزيلا" أو لم يزل ملكه وأما ما يصحح - الشهادة له باليد أمس فسيأتي آخر الفصل "وله أن يشهد" له "بالملك في الحال استصحابا" لحكم ما عرفه (٣) كشراء وإرث (٤) وإن احتمل زواله للحاجة الداعية إلى ذلك "ولا يصرح" في شهادته "بالاستصحاب" فإن صرح به لم تقبل كما لا تقبل شهادة الرضاع بامتصاص الثدي وحركة الحلقوم وتقدم في هذا كلام
(١) "قوله قدمت بينة الإبراء" أشار إلى تصحيحه وكتب أيضا أقر لرجل بدين معلوم وأقر المقر له أنه لا يستحق على المقر دينا ولا بقية من دين والإقرار أن جميعا في يوم واحد معين من غير أن يبين أيهما قبل فبأيهما يعمل وهل يمنع ذلك من المطالبة بالدين المذكور أجاب ابن الصلاح يحكم ببينة الإقرار المثبت فإنه ثبت به أصل شغل ذمته إذ لولاه لجعلنا إقرار المقر له تكذيبا للمقر ولا يصار إلى ذلك بالاحتمال وإذا ثبت أصل الشغل والقول بتصديق الإقرارين معا فلا يصار إلى تصديقهما بتقدير تأخر الإقرار النافي عن الإقرار المثبت بناه على احتمال طريان البراءة والإسقاط فإنه لا يترك أصل الشغل باحتمال تعقب المسقط فيتعين تصديقهما في وقوع الإقرار النافي قبل إقرار المثبت وإذا ادعى المقر له هذا فذاك مقول (٢) "قوله حتى تشهد له بالملك في الحال" لو شهدت أن هذا المملوك وضعته أمته في ملكه أو هذه الثمرة أثمرتها نخلته في ملكه لم تتعرض لملك الولد والثمرة وكذا لو شهدت بأن هذا الغزل من قطنه أو أن الطير من بيضه أو الآجر من طينه أو أن هذا كان عبده وأعتقه وفرقوا بفرقين أحدهما أن الشهادة هناك بملك مقصود غير تابع لغيره ولهذا لم تقبل بملك كان حتى يصل ذلك بحالة التنازع وهاهنا لشهادة بالتبع والأصل ملك ثابت له في الحال فثبتت الثمار تبعا للأصل وثانيهما أن النتاج والثمرة لما لم يتقدم فيهما ملك صار في حكم تملكهما أصلا وثم الملك لما تقدم فيه مالك صار في ملكه فرعا وحكم الأصل أقوى من حكم الفرع (٣) "قوله استصحابا بالحكم ما عرفه" بحيث يغلب على ظنه بقاء ملكه وأفتى ابن الصلاح باعتماد الاستصحاب في الشهادة باليسار (٤) "قوله كشراء وإرث" اعلم أنه إنما تجوز الشهادة بالملك للوارث والمشتري والمتهب ونحوهم إذا كان ممن يجوز له أن يشهد للمنتقل إليه منه بالملك ولا يكفي الاستناد إلى مجرد الشراء وغيره مع جهله بملكية البائع والواهب والمورث ونحوهم فاعلمه