للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعرف صباحهما ومساءهما ومدخلهما ومخرجهما؟ قال: لا، قال: هل عاملتهما بهذه الدراهم والدنانير التي تعرف بها أمانات الرجال؟ قال: لا، قال: هل صاحبتهما في السفر الذي يسفر عن أخلاق الرجال؟ قال: لا، قال: فأنت لا تعرفهما ائتيا بمن يعرفكما"، والمعنى فيه أن أسباب الفسق خفية غالبا فلا بد من معرفة المزكي حال من يزكيه وهذا كما في الشهادة بالإفلاس.

" أن "يعلم القاضي منه ذلك" أي أنه خبير بباطن الحال في كل تزكية خفية أي يبنى على الظاهر قال في الأصل: إلا إذا علم من عادته أنه لا يزكي إلا بعد الخبرة ولا يعتبر في خبرة الباطن التقادم في معرفتها لئلا يتضرر المتداعيان بالتأخير الطويل بل يكتفي "بشدة الفحص عن الشخص ولو غريبا يصل" المزكي بفحصه "إلى ذلك" أي كونه خبيرا بباطنه "فحين يغلب على ظنه عدالته باستفاضة" من جمع من أهل الخبرة بباطن حاله "شهد بها" إقامة لخبرتهم مقام خبرته كما أقيم في الجرح رؤيتهم مقام رؤيته

"ويعتمد" المزكي "في الجرح المعاينة" بأن يراه يزني أو يشرب الخمر أو نحو ذلك "والسماع بأن يسمعه يقذف" شخصا "أو يقر" على نفسه "بكبيرة" أو نحو ذلك وتعبيره بكبيرة أعم من تعبير أصله بزنا أو شرب خمر "وكذا إن سمع من غيره وتواتر أو استفاض" لحصول العلم أو الظن بذلك بخلاف ما لو سمع من عدد لا يحصل به تواتر ولا استفاضة لكنه يشهد على شهادتهم بشرطه.

"وليبين" في تجريحه غيره "سبب الجرح" من زنا أو سرقة أو نحوهما; لأن أسبابه مختلف فيها وقد يظن الشاهد (١) أن ما ليس بجرح عند القاضي جرحا ولا


(١) "قوله وقد يظن الشاهد إلخ" ولهذا أن مالكا يفسق الحنفي بشرب النبيذ غير المسكر ونحوه ونحن لا نفسقه، وإن حددناه وهذا في غير المنصوب للجرح والتعديل أما هو فليس للحاكم سؤاله عنه وقال في المطلب هذا إذا سمع القاضي الجرح لا من أصحاب المسائل أما إذا سمعه منهم فقد قال ابن الصباغ ليس للحاكم أن يقول لهم من أين تشهدون بل يسمع ذلك كما يسمع شهادتهم في سائر الأشياء ولو قال الشاهد أنا مجروح قبل قوله على نفسه من غير تفسير قال الهروي لكن في البحر قال رجل للحاكم لا تقبل شهادتي لأني جرحت أو جرحت نفسي لم يرده ما لم يتيقن قال في الخادم وهذا هو الأشبه إذا قال ذلك بعد الشهادة لتعلق حق غيره