المغلب فيه جانبهم ولهذا تجب الإجابة إليه بخلاف عقد الهدنة وجروا في التعليل الثاني على الغالب من كون أهل الذمة ببلادنا وأهل الهدنة ببلادهم واعتبر ابن الرفعة في جواز النبذ (١) بالخوف حكم الحاكم به; لأنه يحتاج إلى نظر واجتهاد ورده الزركشي (٢)"وينذرهم" بعد نبذ عهدهم "ويبلغهم مأمنهم"(٣) قبل قتالهم إن كانوا بدارنا وفاء بالعهد; ولأن العقد لازم قبل ذلك "وهو" أي مأمنهم "دار الحرب" وتبليغهم إياه يكون "بالكف" للأذى منا ومن أهل الذمة "عنهم بعد استيفاء حق الآدمي منهم" إن كان.
"فرع" يجب على الذين هادنهم الإمام الكف عن قبيح القول والعمل في حقنا وبذل الجميل منهما فلو "نقصوا المسلمين من الكرامة" لهم "أو الإمام من التعظيم" له بعد أن كانوا يكرمونهم ويعظمونه "سألهم" عن سبب ذلك "فإن لم يقيموا حجة" أي عذرا "ولم ينتهوا نقض العهد وأنذرهم" قبل نقضه، وإن أقاموا عذرا يقبل مثله قبله.
"فصل" لو "صالح" الإمام الكفار أي هادنهم "بشرط رد من جاء" نا "منهم مسلما صح"(٤) فيجب الوفاء به لقوله تعالى ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ﴾ [الاسراء: ٣٤]"ولم يجز" بذلك "رد المرأة (٥) المسلمة" إذ لا يؤمن أن يصيبها زوجها الكافر أو
(١) "قوله واعتبر ابن الرفعة في جواز النبذ إلخ" قال الأذرعي: وهذا يوهم أن نقض الإمام لا ينفذ إلا أن يحكم به حاكم وليس كذلك بل المراد منه ما ذكره الرافعي أنه لا ينتقض بنفس الخوف وظهور الأمارة خلافا لأبي حامد وكلام الحاوي صريح في ذلك. ا هـ. (٢) "قوله ورده الزركشي" فقال، وهو عجيب أوقعه فيه كلام الماوردي، وهو عند التأمل صريح في أن المراد أنه لا ينتقض بنفس الخوف بل لا بد من أن يحكم بنقضه أي يقوى عنده الحكم به وكتب أيضا ورده الزركشي أي وغيره قال الأذرعي: والمراد ما ذكره الرافعي وغيره أنه لا ينتقض بنفس الخوف وظهور الأمارة خلافا لأبي حامد وكلام الحاوي صريح في ذلك (٣) "قوله ويبلغهم مأمنهم" لو كان له مأمن لزم الإمام إلحاقه بمسكنه منهما ولو كان يسكن بلدين تخير الإمام. (٤) "قوله لو صالح بشرط من جاء منهم مسلما صح" أي إذا كان له عشيرة تحميه وتمنعه وضابطه كل من لو أسلم في دار الحرب لم تجب عليه الهجرة جاز شرط رده في عقد الهدنة. (٥) "قوله ولم يجز بذلك رد المرأة"; لأنه ﷺ لما شرط جاءته أم كلثوم بنت عقبة بن أبي مسلمة فجاء أخواها عمارة والوليد في طلبها وجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة فجاء زوجها في طلبها وجاءت سعدى زوجة صيفي بن إبراهيم بمكة فجاء في طلبها وقال يا محمد. . . . . . . . . . . =