للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين "أو آووا عينا" عليهم أو قتلوا مسلما (١) "أو تجسسوا" كأن كاتبوا أهل الحرب "جميعا" في الصور كلها "أو" فعل "بعضهم" شيئا من ذلك "وسكت الباقون عنه انتقض" العهد "ولو لم يعلموه نقضا" ولم يحكم حاكم بنقضه لإتيانهم بما يخل بالعقد (٢) "وبيتوا في بلادهم بلا إنذار"، وإن لم يعلموا أن ما أتوا به ناقضا لآية ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ﴾ [التوبة: ١٢] ولصيرورتهم حينئذ كما كانوا قبل المهادنة "والنازل بنا" أي بدارنا بأمان أو هدنة "نبلغه المأمن" ولا نغتاله قبل وصوله المأمن "فإن أنكره عليهم الباقون" فيما مر بقول أو فعل بأن اعتزلوهم أو بعثوا إلى الإمام بأنا مقيمون على العهد لم ينتقض عهدهم، وإن كانوا أتباعا (٣) ثم "نظرت فإن تميزوا عنهم بيتناهم" أي منتقضي العهد "وإلا أنذرناهم" أي الباقين "ليتميزوا" عنهم "أو يسلموهم إلينا فإن أبوا" ذلك "مع القدرة" عليه "فناقضون" للعهد "بخلاف عقد الذمة" فنقضه من البعض ليس نقضا من الباقين بحال لقوته "والقول قول منكر النقض" بيمينه; لأن الأصل عدمه "ولو" أي وكل ما "اختلف في كونه ناقضا في الجزية نقض هنا قطعا" لضعف هذا وقوة ذاك وتأكده بالجزية.

"فرع لو استشعر الإمام خيانتهم بأمارات" تدل عليها "لا" بمجرد "توهم لم ينتقض" عهدهم "بل ينبذ" إليهم جوازا "العهد" قال تعالى ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ﴾ [الأنفال: ٥٨] بخلاف عقد الذمة لا ينبذ بذلك; لأنه عقد معاوضة (٤) مؤبد; ولأن أهلها في قبضتنا فيسهل التدارك عند ظهور الخيانة; ولأن


(١) "قوله أو قتلوا مسلما" أي ذميا وكتب أيضا إذا كان عمدا محضا أو عدوانا أو شبه عمد لا خطأ ودفعا لصائل أو قاطع غ وكتب أيضا قال الزركشي ما أطلقه في قتال المسلمين موضعه إذا لم يكن بشبهة أما لو أعانوا البغاة مكرهين فيشبه أن لا ينتقض كما سبق في أهل الذمة.
(٢) "قوله لإتيانهم بما يخل بالعقد" ولأنه لما هادن بني قريظة أعان بعضهم أبا سفيان على حرب النبي في الخندق فنقض النبي عهد جميعهم وغزاهم وكذلك لما قتل رجلان من بني بكر وهم حلفاء قريش رجلا من خزاعة وهم حلفاء النبي وأوى بعض أهل مكة القاتل ولم ينكر الباقون غزاهم النبي وفتح مكة ولأن عقد الهدنة يتم بعقد بعضهم ورضا الباقين ويكون السكون رضا بذلك فوجب أن يكون النقض مثله.
(٣) "قوله لم ينتقض عهدهم، وإن كانوا أتباعا" لقوله تعالى ﴿أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ﴾.
(٤) "قوله; لأنه عقد معاوضة إلخ" ولأن الهدنة أمان فنقضت بالخوف; ولأن الذمة أقوى بدليل تأبيدها.