للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصومعة" (١) للرهبان ونحوها "في بلد أحدث في دار الإسلام" كبغداد والكوفة والبصرة "أو" بلد "أسلم أهله" كالمدينة واليمن; لأن كلا منها صار ملكا لنا; ولأن إحداثها معصية فلا يجوز في دارنا "فإن وجدت كنائس" مثلا فيما ذكر "جهل أصلها بقيت لاحتمال أنها كانت في قرية" أو برية "فاتصل بها عمران ما أحدث" منا بخلاف ما لو علم إحداث شيء منها بعد بنائها "وإن شرط حداثها" (٢) في بلادنا "فسد العقد" لفساد الشرط.

"ومن بنى منهم دارا لأبناء السبيل منا ومنهم لم يمنع" لانتفاء المعصية "فإن خصص الذميين" بها "فوجهان" أحدهما وبه جزم صاحب الشامل (٣) كذلك كما لو وقف عليهم والثاني المنع; لأنهم إذا انفردوا بسكناها صارت ككنائسهم "ولو فتحنا بلدا عنوة نقضنا كنائسهم القائمة"; لأنا قد ملكناها بالاستيلاء فيمتنع إبقاؤها كنائس "ولم نبق لهم شيئا من متعبداتهم" لذلك فعلم أنه لا يجوز لهم بناء شيء من ذلك كما صرح به الأصل (٤). "أو" فتحناه "صلحا على أن الأرض لنا" ويسكنونها بخراج "وشرطوا إبقاء الكنائس" مثلا لهم "أو إحداثها مكنوا" (٥) من ذلك وكأنهم استثنوها وقوله مكنوا أولى من قول الأصل جاز; لأن الجواز حكم شرعي ولم يرد الشرع بجواز ذلك، وإنما المراد عدم المنع نبه عليه السبكي (٦) "وإلا" أي، وإن لم يشرطوا ذلك "منعوا ولو من إبقائها" كما يمنعون


= أو صلحا ويجوز أن يدعهم أن ينزلوا بلدا لا يظهرون هذا فيه فيصلون في منازلهم بلا جماعات ترفع أصواتهم ولا نواقيس ولا يكفهم إذا لم يكن ذلك ظاهرا. ا هـ.
(١) "قوله وصومعة" للرهبان ونحوها كدير وبيت نار مجوس ومجتمع صلوات.
(٢) "قوله، وإن شرط إحداثها" أو إبقاؤها.
(٣) "قوله أحدهما وبه جزم صاحب الشامل إلخ" هو الأصح ورجحه في الخادم ونص عليه الشافعي.
(٤) "قوله كما صرح به الأصل" علم من التعليل ما قاله صاحب الوافي تفقها من أنه لو استولى أهل الحرب على بلد لأهل الذمة وفيه كنائسهم ثم استعادها المسلمون عنوة أنه يجري عليها حكم ما كان لها قبل استيلاء أهل الحرب عليها; لأنها لا تصير ملكا لنا، وهو ظاهر.
(٥) "قوله أو إحداثها مكنوا" توقف فيه الأذرعي وحمله الزركشي على ما إذا دعت إليه ضرورة قال وإلا فلا وجه له وعن الماوردي المنع مطلقا وقوله وحمله الزركشي إلخ أشار إلى تصحيحه.
(٦) "قوله نبه عليه السبكي" أي وغيره.