رواه الترمذي (١) وغيره عن معاذ أنه ﷺ لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله من المعافر (٢) ثياب تكون باليمن وظاهر الخبر أن أقلها دينار أو ما قيمته دينار وبه أخذ البلقيني والمنصوص الذي عليه الأصحاب أن أقلها دينار، وعليه إذا عقد به جاز أن يعتاض عنه ما قيمته دينار، وإنما امتنع عقدها بما قيمته دينار; لأن قيمته قد تنقص عنه آخر المدة ومحل كون أقلها دينارا عند قوتنا وإلا فقد نقل الدارمي عن المذهب أنه يجوز عقدها بأقل من دينار نقله الأذرعي وقال إنه ظاهر متجه (٣).
"وتستحب المماكسة"(٤) أي المشاحة مع الكافر العاقل لنفسه أو لموكله في قدر الجزية حتى يزيد على دينار بل إذا أمكنه أن يعقد بأكثر منه لم يجز (٥) أن يعقد بدونه إلا لمصلحة ويسن أن يفاوت بينهم "فيعقد للغني بأربعة والمتوسط بدينارين"(٦) والفقير بدينار "فإن أبى" عقدها "إلا بدينار أجيب"; لأنه الواجب والمماكسة كما تكون في العقد تكون في الأخذ بل الأصحاب إنما صدروا
(١) "قوله لما رواه الترمذي إلخ" قال الشافعي: وهو مبين لما أريد بالجزية في قوله تعالى ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ قال ولا نعلم النبي ﷺ صالح أحدا على أقل من دينار ونقل الشيخ أبو حامد فيه الإجماع وسواء في ذلك الغني والفقير والمتوسط لإطلاق الخبر فإنه أوجب الدينار ولم يفصل ولأنها شرعت لحقن الدم أو لسكنى الدار أو للمجموع والغني والفقير والمتوسط يستوون في ذلك فاستووا في مقابله. (٢) سبق تخريجه. (٣) "قوله وقال إنه ظاهر متجه" وقال الزركشي: إنه ظاهر، وهو الراجح. (٤) "قوله وتستحب المماكسة"، وإن علموا جواز الاقتصار على الدينار. (٥) "قوله بل إذا أمكنه أن يعقد بأكثر منه لم يجز إلخ" فقد نقل ابن الرفعة عن الأصحاب أنه ليس للعاقد إذا قدر على العقد بمائة دينار أن ينقص منها دانقا، وهذا بالنسبة إلى ابتداء العقد فأما إذا عقد لهم العقد على شيء فلا يجوز أخذ زائد عليه نص عليه الشافعي في سير الواقدي من الأم وقوله فقد نقل ابن الرفعة إلخ أشار إلى تصحيحه وكذا قوله نص عليه إلخ. (٦) "قوله فتعقد للغني بأربعة والمتوسط بدينارين" قال الزركشي لم يذكروا ضابط الغني والمتوسط يحتمل كما في النفقة والعاقلة ويحتمل الرجوع إلى العرف ا هـ والأقرب ضبطهما بما في العاقلة.