بقدومهم من المكاسب فسوف يغنيكم الله من فضله ومعلوم أن الجلب إنما يجلب إلى البلد لا إلى المسجد نفسه والمعنى في ذلك أنهم أخرجوا النبي ﷺ منه فعوقبوا بالمنع من دخوله بكل حال "ويخرج" واحد منا "إليه لسماع رسالة" و يبلغها للإمام "فإن قال لا أؤديها إلا مشافهة خرج إليه الإمام، وإن طلب" منا "المناظرة" ليسلم "خرج إليه من يناظره فإن بذل على دخوله" الحرم "ما لا لم يقبل" أي لم يجب إليه "فإن أجيب" فالعقد فاسد "و" إن "وصل المقصد أخرج وثبت المسمى" ويفارق الإجارة الفاسدة حيث يجب فيها أجرة المثل بأنه لا يقابل بعوض حتى يكون له مثل "أو" وصل "دونه" أي المقصد "فبالقسط" من المسمى يؤخذ وحرم مكة من طريق المدينة على ثلاثة أميال ومن طريق العراق والطائف على سبعة ومن طريق الجعرانة على تسعة ومن طريق جدة على عشرة كما قال بعضهم:
وللحرم التحديد من أرض طيبة … ثلاثة أميال إذا رمت إتقانه
وسبعة أميال عراق وطائف … وجدة عشر ثم تسع جعرانة
وزاد الشيخ كمال الدين الدميري:
ومن يمن سبع وكر زلها اهتدى … فلم يعد سيل الحل إذ جاء بنيانه
"ولا يجري هذا الحكم في حرم المدينة" لاختصاص حرم مكة بالنسك وثبت أنه ﷺ أدخل الكفار مسجده وكان ذلك بعد نزول براءة (١).
"وإن دفن" الكافر "في حرم مكة نبش" قبره وأخرج لأن بقاء جيفته فيه أشد من دخوله له حيا "ما لم يتهر" أي يتقطع فإن تهرى ترك.
"ولا ينقل المريض من الحجاز"(٢)، وإن أمكن نقله بلا مشقة "إلا من حرم مكة" فينقل منه (٣)، وإن خيف من النقل موته "ولا يلحق بذلك" فيما ذكر "حرم المدينة" لما مر "لكن يستحب" إلحاقه به فيه "ولا يدفن" الكافر "في الحجاز إن أمكن نقله قبل التغير" وإلا دفن فيه (٤)"فلو دفن" فيه "لم
(١) "قوله وكان ذلك بعد نزول براءة" فإنها نزلت سنة تسع وقدوم نصارى نجران في جملة الوفود سنة عشرة فأنزلهم ﷺ بالمسجد وضرب عليهم الجزية. (٢) "قوله ولا ينقل المريض من الحجاز" عبارة المنهاج، وإن مرض في غيره من الحجاز وعظمت المشقة في نقله ترك وعبارة الحاوي الصغير لا إن مرض وشق نقله. (٣) "قوله فينقل منه"، وإن خيف من النقل موته بخلاف غيره من الحجاز فإنه لا ينقل منه إن شق نقله أو خيف موته منه، وهذا هو المعتمد. (٤) "قوله وإلا دفن فيه" محله في الذمي أما الحربي فلا يجب دفنه بل في وجه لا يجوز