دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ﴾ [لأنفال: ١٦](١) وعن عمر ﵁ أنا فئة لكل مسلم وكان بالمدينة وجنوده بالشام والعراق رواه الشافعي (٢) ولأن عزمه على العود إلى القتال لا يختلف بالقرب والبعد "والمتحرف من يخرج" من الصف "ليكمن" بموضع ويهجم "أو ينحرف إلى موضع أصلح للقتال" كأن يفر من مضيق ليتبعه العدو إلى متسع سهل للقتال أو ينصرف من مقابلة الشمس أو الريح إلى محل يسهل فيه القتال "والمتحيز من يقصد الاستنجاد بفئة" للقتال "سواء قلت أم كثرت بعدت أو قربت" هذا علم من قوله ولو بعدت قال في الأصل ومن عجز بمرض ونحوه أو لم يبق معه سلاح فله الانصراف وقدمه المصنف كأصله أيضا في الطرف الثاني من الباب السابق.
"ويستحب لمن فر" لعجز أو غيره مما مر "قصد التحيز" أو التحرف ليخرج عن صورة الفرار المحرم وهذا قدمه في العجز ثم من غير تصريح بالاستحباب، وعبارة الأصل ويستحب أن يولي منحرفا أو متحيزا.
"وليس لمتحيز بعد" في تحيزه إلى فئة "حق فيما يغنم بعده" أي بعد تحيزه لعدم نصرته بخلاف ما يغنم قبل تحيزه لبقائها وبخلاف المتحيز إلى فئة قريبة يشارك فيما غنم مطلقا لذلك فهو كالسرية القريبة تشارك الجيش فيما غنمه والمراد بالقريبة أن تكون بحيث يدرك غوثها المتحيز عنها عند الاستغاثة.
(١) "قوله: إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة" قال في الحاوي الصغير إن لم تنكسر أي الفئة التي انصرف عنها بانصرافه، فإن انكسرت به لم يجز له الانصراف متحرفا ولا متحيزا وتبع المصنف في هذا الشرط الإمام والغزالي في كتبه الثلاثة قال الرافعي ولم يتعرض له المعظم ا هـ قال الأذرعي والزركشي وهذا ظاهر لا سيما لو علم المتحيز أنه كان إن ولى ولى الناس معه لكونه زعيم الجيش أو أميرهم أو نحوه من رؤساء الناس المتبوعين وأبطالهم المشهورين وينزل إطلاق الأئمة على ما إذا لم يجز ذلك وهنا ولا ينقدح غير هذا قال شيخنا اعتمده بعض مشايخ العصر ونقل عن الوالد اعتماده وأنه قال لا يلزم من عدم تعرض المعظم له تضعيفه لأنهم سكتوا عنه لوضوحه ووجه ظاهر. "تنبيه" ليس لنا عبادة يجب العزم عليها ولا يجب فعلها سوى الفار من الصف يقصد التحيز إلى فئة يجوز وإذا تحيز إليها لا يلزم القتال معها في الأصح قال الأذرعي لم أر تصريحا ببيان القريبة فيحتمل أن يقال القريبة من يمكن كرها والاستنجاد بها عند الحاجة ويحتمل أن يرجع إلى العرف في القريبة والبعيدة ولعل الأول أقرب هو الصحيح قال شيخنا سيأتي في كلام الشارح الجزم به. (٢) رواه أحمد في مسنده "٢/ ٥٨" حديث "٥٢٢٠" والشافعي في مسنده "ص/٢٠٧".