للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التحام القتال به وكانوا بحيث لو كففنا عنهم ظفروا بنا وكثرت نكايتهم "جاز" رميهم لما مر "وتوقيناه" أي المسلم أو الذمي بحسب الإمكان; لأن مفسدة الإعراض أكثر من مفسدة الإقدام ولا يبعد احتمال قتل طائفة للدفع عن بيضة الإسلام ومراعاة الأمور الكليات وكالذمي المستأمن (١) والعبد لكن حيث تجب دية تجب في العبد قيمته "فإن قتل مسلم" وقوله من زيادته "وعرف قاتله" ليس له كبير جدوى "وجبت الكفارة"; لأنه قتل معصوما "وكذا الدية إن علمه" القاتل "مسلما" إن كان يمكنه توقيه والرمي إلى غيره بخلاف ما إذا لم يعلمه مسلما وإن كان يعلم أن فيهم مسلما لشدة الضرورة "لا القصاص"; لأنه مع تجويز الرمي لا يجتمعان.

"وإن تترس" كافر "بترس مسلم" أو ركب فرسه "فرماه مسلم" فأتلفه "ضمنه إلا: إن اضطر" بأن لم يمكنه في الالتحام الدفع إلا بإصابته فلا يضمنه "في أحد الوجهين" وقطع المتولي بأنه يضمنه (٢) كما لو أتلف مال غيره عند الضرورة.

"فصل يحرم انهزام مائة رجل ولو" كانوا "سكارى عن مائتين" والمراد يحرم انهزام من عليه الجهاد من الصف إن كان الكفار مثلينا فأقل لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ [الأنفال: ٦٦] وهو خبر بمعنى الأمر أي لتصبر مائة لمائتين وعليه يحمل قوله: ﴿إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا﴾ [لأنفال: ٤٥].

"وإن خافوا الهلاك" بالثبات إذ الغزاة يقتلون ويقتلون وأما قوله: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥] ففسرت التهلكة فيه بالكف عن الغزو (٣) وبحب المال وبالفرار من الزحف وبالخروج بغير نفقة (٤) والمعنى في وجوب الثبات للمثلين أن المسلم على إحدى الحسنيين إما أن يقتل فيدخل الجنة أو يسلم فيفوز بالأجر والغنيمة، والكافر يقاتل على الفوز بالدنيا "إلا متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة ولو بعدت" فلا يحرم الانهزام قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ


(١) "قوله: وكالذمي المستأمن" أي والمعاهد.
(٢) "قوله: وقطع المتولي بأنه يضمنه إلخ" هو الأصح.
(٣) "قوله: ففسرت التهلكة فيه بالكف عن الغزو" أي والإنفاق فيه فإنه يقوي العدو ويسلطهم على إهلاككم.
(٤) "قوله: وبالخروج بغير نفقة" وبالإسراف وتضييع وجه المعاش.