للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على بعض وقوله ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا (١) وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ [النور: ٢٧] وللأمر بإفشاء السلام في الصحيحين (٢) وأما كونه كفاية فلخبر أبي داود "يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم" (٣) ولخبر "إذا سلم واحد من القوم أجزأ عنهم" رواه مالك في الموطإ (٤) ولأن ما قصد به الأمان حاصل بسلام الواحد.

"ورده (٥) ولو كان المسلم صبيا فرض" عين إن كان المسلم عليه واحدا (٦) مكلفا وفرض "كفاية" (٧) إن كان جماعة (٨) أما كونه فرضا فلقوله تعالى ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء ٨٦] وأما كونه كفاية فلما مر هذا إذا سن ابتداء السلام وإن كرهت صيغته كما سيأتي فإن لم يسن كما سيأتي بيانه لم يجب الرد قال الحليمي وإنما كان الرد فرضا والابتداء سنة; لأن أصل السلام أمان (٩) ودعاء بالسلامة وكل اثنين أحدهما آمن من الآخر يجب أن يكون الآخر آمنا منه فلا يجوز لأحد إذا سلم عليه غيره أن يسكت عنه لئلا يخافه.

"وشرطه" أي كل من ابتداء السلام ورده "إسماع" له برفع الصوت به وإلا لزم ترك سنة الابتداء أو وجوب الرد "واتصال" للرد بالابتداء "كاتصال الإيجاب


(١) "قوله ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ " أي تستأذنوا كما قرئ به.
(٢) رواه مسلم كتاب الإيمان باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمن، حديث "٥٤".
(٣) صحيح رواه أبو داود "٤/ ٣٥٣" كتاب الأدب، باب ما جاء في رد الواحد عن الجماعة، حديث "٥٢١٠" وقد انفرد به أبو داود.
(٤) رواه مالك في الموطأ "٣/ ٩٥٩" كتاب الجامع، باب العمل في السلام، حديث "١٧٢١".
(٥) "قوله: ورده" أي إذا سلم المسلم العاقل.
(٦) "قوله: فرض عين إن كان المسلم عليه واحدا" قال في الخادم يستثنى من هذا الإطلاق مسألة وهي ما إذا سلم أحد الخصمين على القاضي ولم يسلم الآخر فقضية ما حكاه الرافعي في الأقضية عن الأصحاب أنه لا يجيبه وإنما يجيبه إذا سلم الآخر.
(٧) "قوله: وفرض كفاية" حكم الرد خالف غيره من الفروض بوجهين أحدهما أن شأن الفرض تفضيله على السنة وهاهنا الابتداء أفضل من الرد على الصحيح والثاني إن شأن فرض الكفاية إذا فعله جمع ثم آخرون كان فعل الثاني تطوعا وهاهنا يثاب الجميع ثواب الفرض ولو فعلوه على التعاقب كصلاة الجنازة.
(٨) "قوله: إن كان جماعة" فلو رد كل منهم وقع فرضا كما علم مما مر.
(٩) "قوله: لأن أصل السلام أمان إلخ" ولأن الامتناع عن الرد إهانة للمسلم واستخفاف به وإنه حرام.