"و" الحد "الثابت بالبينة لا يسقط بالرجوع"، وأفهم كلامه أنه لا يسقط بالتوبة سواء أثبت بالإقرار أم بالبينة، وصرح الأصل بتصحيحه (١) وذلك لئلا يتخذها ذريعة إلى إسقاط الزواجر "فإن أقر" بالزنا "ثم قامت بينة بزناه ثم رجع" عن الإقرار "فوجهان" أحدهما لا يسقط الحد لبقاء حجة البينة (٢) كما لو شهد عليه ثمانية فرد أربعة وثانيهما يسقط إذ لا أثر للبينة مع الإقرار، وقد بطل ونقلهما الماوردي في ذلك وفي عكسه، وقال الأصح عندي اعتبار أسبقهما (٣) وينبغي تقييد محل الخلاف (٤) بما قبل الحكم أو بعده، وقد أسند إليهما معا أو أطلق فإن كان بعده، وقد أسند إلى أحدهما فقط فهو المعتبر قطعا ثم رأيت الزركشي أشار إلى (٥) بعض ذلك "ولا يشترط حياة الشهود"، ولا حضورهم كما فهم بالأولى، وصرح به أصله "حالة الحكم، ولا قرب عهد الزنا" فتقبل الشهادة به، وإن تطاول الزمان.
"وإن قامت بينة ببكارة من ثبت زناها أو رتقها" أو قرنها "سقط الحد عنها" للشبهة نعم إن كانت غوراء يمكن تغييب الحشفة فيها مع بقاء البكارة فالأشبه كما قال الزركشي أنها تحد (٦) لثبوت زناها قال والفرق بينه وبين عدم
(١) "قوله: وصرح الأصل بتصحيحه" وحذفه المصنف لدخوله في قوله في باب قطاع الطريق، ولا يسقط بها سائر الحدود. (٢) "قوله: أحدهما لا يسقط الحد لبقاء حجة البينة" هذا هو الأصح. (٣) "قوله: وقال الأصح عندي اعتبار أسبقهما" فإن أقر ثم شهد عليه ثم رجع لم يحد، وأما عكسه فحكى القاضي حسين عن أبي إسحاق أيضا السقوط، ولم يتعرض له الرافعي. (٤) "قوله: وينبغي تقييد محل الخلاف إلخ" أشار إلى تصحيحه. (٥) "قوله: ثم رأيت الزركشي أشار إلى بعض ذلك"، قال الأذرعي سيأتي في الدعاوى ما يقتضي أنه يستند إلى الشهادة فقط، وكتب أيضا نقل الشيخان في باب القضاء، وجهين فيما لو شهد عدلان بحق ثم أقر الخصم قبل الحكم هل يستند الحكم إلى الإقرار أو إليهما جميعا، وأن الصحيح الأول. ا هـ. أي; لأن الإقرار في حقوق الآدميين أقوى من البينة، وأما في حقوق الله تعالى فيستند الحكم فيها إلى البينة; لأنها أقوى من الإقرار فالأصح في مسألتنا عدم السقوط. (٦) "قوله: فالأشبه كما قال الزركشي: أنها تحد" هو الراجح وفي الحاوي إن لم يمنع الرتق والقرن إيلاج الحشفة حدت، وما تفقهه الزركشي جزم به البلقيني وغيره.