استعملت عليكم عمر بن الخطاب فإن بر، وعدل فذلك علمي به ورأيي فيه، وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب، والخير أردت ولكل امرئ ما اكتسب، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] وظاهر أن المراد الإمام الجامع للشروط (١) فلا عبرة باستخلاف الجاهل والفاسق نبه عليه الأذرعي وغيره، وإنما يصح الاستخلاف "بشرط القبول" من الخليفة "في حياته" أي الإمام، وإن تراخى عن الاستخلاف كما اقتضاه كلامه كأصله، وقال البلقيني: ينبغي أن يكون الأصح اعتبار كونه على الفور (٢). انتهى. فإن أخره عن حياته رجع ذلك فيما يظهر إلى الإيصاء وسيأتي حكمه "وعليه أن يتحرى الأصلح" للإمامة أي يجتهد فيه فإذا ظهر له واحد ولاه.
"وله جعلها" أي الخلافة "لزيد ثم بعده لعمرو ثم" بعده "لبكر"، وتنتقل إليهم على ما رتب كما رتب رسول الله ﷺ أمراء جيش مؤتة فيصح استخلافه واحدا أو جماعة مترتبين (٣)"وإن لم يحضره أحد"، ولم يشاور أحدا "فإن جعلها شورى" بين اثنين فأكثر بعده "تعين من عينوه" منهم "بعد موته" كما جعل عمر ﵁ الأمر شورى بين ستة علي والزبير، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة فاتفقوا على عثمان ﵁"لا قبله" فلا يتعين من عينوه بل ليس لهم أن يعينوا أحدا حينئذ "إلا بإذنه، فإن خافوا الفرقة" أي تفرق الأمر وانتشاره بعده "استأذنوه" فإن أذن فعلوه "ولا يلزمهم التعيين" فيما إذا جعلها شورى بين جماعة بل يكون الأمر كما لو لم يجعلها شورى.
"ولو أوصى بها جاز" كما لو استخلف لكن قبول الموصى له إنما يكون بعد
(١) "قوله: وظاهر أن المراد الإمام الجامع للشروط" أشار إلى تصحيحه. (٢) "قوله: وقال البلقيني ينبغي أن يكون الأصح اعتبار كونه على الفور"، وليس هذا كالإيصاء، ولو شبه بالإيصاء لما كان قبوله إلا بعد الموت على ما رجحه في الوصاية. (٣) "قوله: فيصح استخلافه واحدا أو جماعة مترتبين". فلو مات الأول في حياة الخليفة فالخلافة للثاني أو الأول والثاني فللثالث، ولو مات الخليفة والثلاثة أحياء وانتصب الأول، وأراد أن يعهد بها إلى غير الأخيرين فالظاهر جوازه بخلاف ما لو مات، ولم يعهد إلى أحد فليس لأهل البيعة مبايعة غير الثاني ويجوز للإمام أن ينص على من يختار خليفة بعده، ولا يصح اختيار غيره.