الماوردي (١) لو استعلم مسلم من مشرك دلائل القبلة ووقع في نفسه صدقه واجتهد لنفسه في جهات القبلة جاز لأنه عمل في القبلة على اجتهاد نفسه وإنما قبل خبر المشرك في غيرها قال الشاشي: (٢) وفيه نظر لأنه إذا لم يقبل خبره في القبلة لا يقبل في أدلتها (٣) إلا أن يوافق عليها مسلم وسكون نفسه إلى خبره لا يوجب أن يقول عليه الحكم.
"تنبيه" علم من عدم جواز الاجتهاد مع القدرة على الخبر عدم جواز الأخذ بالخبر مع القدرة على اليقين وهو كذلك فلا يجوز للأعمى ولا لمن هو في ليلة مظلمة الأخذ به مع القدرة على اليقين بالمس "ويعتمد الأعمى" وكذا من في ظلمة "المحراب بالمس ولو لم يره قبل العمى" كما يعتمده البصير الذي ليس في ظلمة بالمشاهدة فالمحراب المعتمد كصريح الخبر فلو اشتبه عليه مواضع لمسها صبر فإن خاف فوت الوقت صلى كيف اتفق وأعاد كما يؤخذ مما يأتي وصرح به الأصل.
"ولا يجتهد في القبلة إلا بصير عارف بالأدلة" لها "كالنجوم والقمرين" تثنية شمس وقمر وغلب القمر لكونه مذكرا "وأضعفها الرياح" لاختلافها "وأقواها القطب"(٤) قال الشيخان وهو نجم صغير (٥) في بنات نعش الصغرى بين الفرقدين والجدي ويختلف باختلاف الأقاليم ففي العراق يجعله المصلي خلف أذنه اليمنى وفي مصر خلف اليسرى وفي اليمن قبالته مما يلي جانبه الأيسر وفي الشام وراءه (٦) وفي كون القطب نجما كلام ذكرته في شرح البهجة "وليس له اعتماد
(١) "قوله: نعم قال الماوردي إلخ" وما أظنهم يوافقونه عليه غ. (٢) "قوله: قال الشاشي وفيه نظر إلخ" وقال في الذخائر قال أصحابنا وفيه نظر وقال الدارمي ولا يتبع بصير ولا ضرير دلالة مشرك بحال إلا أن يطلع البصير عليها فيجتهد بها لنفسه. ا هـ. وهذا ما قاله الماوردي ت. (٣) "قوله: لأنه إذا لم يقبل خبره في القبلة لا يقبل في أدلتها" أشار إلى تصحيحه. (٤) "قوله: وأقواها القطب" مثلث القاف. (٥) "قوله: قال الشيخان وهو نجم صغير إلخ" وكأنهما سمياه نجما لمجاورته له وإلا فهو كما قال السبكي وغيره ليس نجما بل نقطة تدور عليها هذه الكواكب بقرب النجم ش. (٦) "قوله: وفي الشام وراءه" وبحران وراء ظهره ولذلك قيل إن قبلتها أعدل القبل د.