وأما البحث فجوابه ما ذكره النووي في شرح الوسيط (١) عن الأصحاب أن صورة الاستعمال باقية إلى الانفصال، والماء في حال استعماله على طهوريته، ويؤيده أنه لو كان به خبث بمحلين (٢) فمر الماء بأعلاهما ثم بأسفلهما طهرا معا كما قاله البغوي (٣).
"وإن نوى جنبان معا بعد تمام الانغماس فيه" أي في الماء القليل"طهرا أو" نويا"مرتبا"، ولو قبل تمام الانغماس"فالأول" طهر دون الثاني لأن الماء صار بالنسبة إليه مستعملا"أو" نويا"معا في أثنائه" أي الانغماس"لم يرتفع" حدثهما"عن باقيهما" لأن ماء كل منهما صار بالنسبة إلى الآخر مستعملا (٤)،
= وذكر القاضي حسين نحوه. (١) يعني كتاب الوسيط للإمام الغزالي المتوفى سنة ٥٠٥ هـ، وقد حققت ـ بفضل الله هذا الكتاب أنا وأخي الدكتور أحمد محمود. وهذا الشرح المشار إليه لم يكمله النووي، وقد أدرجناه أيضا ضمن تحقيقنا للوسيط. (٢) "قوله: ويؤيده ما لو كان به خبث بمحلين إلخ"، وفي المجموع لو نزل الماء من الجنب إلى محل الخبث وقلنا مستعمل الحدث لا يزيل الخبث وهو الأصح ففي طهره وجهان. ا هـ. ونقلهما مع تصحيح الطهر البغوي عن القاضي وصحح من عنده مقابله وما صححه القاضي أوجه ش. (٣) البغوي: هو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد البغوي الفراء أو ابن الفراء الملقب بـ محي السنة ولد سنة ٤٣٦ هـ كان دينا عالما عاملا على طريقة السلف، وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة وكان قانعا باليسير. قال الذهبي: كان إماما في التفسير إماما في الحديث إماما في الفقه، بورك في تصانيفه ورزق القبول لحسن قصده وصدق نيته. من تصانيفه: التهذيب في الفقه، وشرح السنة في الحديث، ولباب التأويل في معالم التنزيل في التفسير، ومصابيح السنة، و الجمع بين الصحيحين، والبغوي منسوب إلى بغا من قرى خراسان بين هراة ومرو، توفي ﵀ بـ مرو الروذ سنة ٥١٠ هـ. انظر ترجمته في طبقات ابن قاضي شهبة ١/ ١/٢٨١ وطبقات ابن هداية الله ص ٢٠٠ ةالأعلام للزركلي ٢/ ٢٥٩. (٤) "قوله: لأن ماء كل منهما صار بالنسبة إلى الآخر مستعملا" فإن قيل كيف حكمتم في هذه الصور بكونه مستعملا كله مع أن الذي لاقى البدن شيء يسير وقد يفرض في بعض الصور أنه لو قدر مخالفون باقي الماء لما غيره فالجواب ما أجاب به إمام الحرمين أنه إذا نزل فيه فقد اتصل به جميع الماء ولم يختص الاستعمال بملاقي البشرة لا اسما ولا إطلاقا.